لأنه - كما أسلفنا - قد أخطأ طريق المعاني المقصودة في النظم وهي (معاني النحو) إذ تركها متجهاً إلى (توخي صواب المعنى).
ومما قاله في هذا المعنى (١):
وحسن الرصف (أي النظم): أن توضع الألفاظ موضعها، وتمكن في أماكنها؛ ولا يستعمل فيها التقديم والتأخير، والحذف والزيادة، إلا حذفاً، لا يفسد الكلام؛ ولا يعمى المعنى، ويضم لفظة منها إلى شكلها، وتضاف إلى لفقها.
وسوء الرصف (أي النظم): تقديم ما ينبغي تأخيره منها، وصرفها عن وجوهها، وتغيير صيغتها ومخالفة الاستعمال في نظمها.
ثم قال: فمن سوء النظم: المعاطلة؛ ومثل لها يقول الفرزدق:
وما مثله في الناس إلا مملكا ... ... أبو أمه حى أبوه يقاربه
ومن الكلام المستوى النظم الملتئم الرصف: قول بعض العرب:
أيا شجر الخابور مالك مورقاً ... كأنك لم تجزع على ابن طريف
فتى لا يحب الزاد إلا من التقى ... ولا المال إلا من قنا وسيوف
ومن الملاحظ - أيضاً - أن أبا هلال قد استخدم كلمة (الرصف) مكان كلمة (النظم) في قوله: (حسن الرصف) و (سوء الرصف)