للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و (الملتئم الرصف) لتأثره بما قاله أبو سعيد السيرافي، في مناظرته، إذ قال أمتى بن يونس عن اللغة العربية -: (إنك في هذا الاسم، والفعل، والحرف، فقير إلى رصفها وبنائها على الترتيب الواقع في غرائز أهلها).

ومن قبل أبي هلال رأى القاضي الجرجاني أن صحة النظم في العمل بقوانين النحو (١)، وأن فساده في عدم العمل بها (٢)، ولكنه لم يستنتج ما توصل إليه عبد القاهر، وهو أن النظم هو تتبع - أو توخي - معاني النحو فيما بين الكلم، بل إن عبارة (معاني النحو) لم ترد أصلاً في وساطته بين المتنبي وخصومه.

وقد حاول أن يضع لنفسه نظرية في النقد، لا تخرج عن نظرية النظم، وتعتمد هذه النظرية على أن الكلام أصوات، محلها من الأسماع، محل النواظر من الأبصار، فللكلام صور عقلية تشبه الصور الحسية "وأنت قد ترى الصورة تستكمل شرائط الحسن، وتستوفي أوصاف الكمال، وتذهب في الأنفس كل مذهب ثم تجد أخرى دونها في انتظام المحاسن، والتئام الخلقة، وتناصف الأجزاء، وتقابل الأقسام، وهي أحظى بالحلاوة، وأدنى إلى القبول، وأعلق بالنفس، وأسرع ممازجة للقلب، ثم لا تعلم - وإن قاسيت واعتبرت ونظرت وفكرت - لهذه المزية سبباً، ولما خصمت به مقتضياً كذلك الكلام منتوره ومنظومه ومجمله ومفصله:


(١) الوساطة ١٩١، ١٩٢.
(٢) الوساطة ٧٩، ٩٨.

<<  <   >  >>