للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقبل عبد القاهر: حاول البلاغيون الوصول إلى المعنى الحقيقي للنظم، ولكنهم أخفقوا، فالجاحظ لم يزد على من تقدمه في فهم معنى "النظم"، والباقلاني: لم يزد على: أن القرآن معجز ببلاغته، والخطابي: قد حاول محاولة جادة، لم يصل فيها إلا إلى أن الكلام ينقسم إلى: لفظ حامل للمعنى، ومعنى محمول للفظ، ورباط بينهما ناظم.

وجاء السيرافي بمناظرته، فكانت محل اهتمام من معاصريه، فقدامة بن جعفر: قد أخذ منها: (توخى الإجادة في الصورة المبينة للمعنى) واستوحى "الإرداف" و"التمثيل"، فعرفهما، ومثل لهما.

والقاضي الجرجاني: فهم منها معنى النظم، ولكنه لم يستطع التعبير عن مزاياه؛ غير أنه قد وضع نظرية في النقد تقوم على صحة المعنى، وسلامة التأليف، وقوة النسج، وأن أقل الناس معرفة بصناعة النقد هو: من اعتمد على سلامة الوزن، وإقامة الإعراب، وأداء اللغة والاهتمام بتزيين الكلام بأنواع البديع.

وأبو هلال العسكري: قد أخطأ طريق المعاني المقصوده من النظم، وهي: (معاني النحو) فتركها متجهاً إلى: (توخي صواب المعنى) وإن أشار إلى ضرورة (حسن الرصف)، بأن توضع الألفاظ في مواضعها، وتمكن في أماكنها، دون تقديم، أو تأخير، أو حذف، أو زيادة، إلا حذفاً، لا يفسد الكلام.

أما عبد القاهر الجرجاني: فقد كان نحوياً، أصيلاً، شرح الإيضاح - في النحو - لأبي علي الفارسي في ثلاثين جزءاً هي كتابه: "المغني" وألف (العوامل المائة) في النحو؛ ولهذا فإنه قد وقع على ضالته عندما وجد في مناظرة أبي سعيد السيرافي عبارة: (معاني النحو)، فالتقطها،

<<  <   >  >>