للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبدو - أيضاً - أنه كما يقول عنه في موضع آخر: "لم يدع فيه لرافضي، ولا لحديثي، ولا لحشوي، ولا لكافر مياد ولا لمنافق مقموع ولا لأصحاب النظام، ولمن نجم بعد النظام، عن يزعم أن القرآن حق، وليس تأليفه بحجة، وأنه تنزيل، وليس ببرهان، ولا دلالة" (١).

فقد عرض فيه - إذن - لإعجاز القرآن، والمذاهب المختلفة فيه، وناقشها، وفصل القول في أن إعجاز القرآن إنما يرجع إلى نظمه، وغريب تأليفه، وبديع تركيبه.

ولعله - أيضاً - كان يذهب- في إطلاق كلمة النظم - إلى ما وراء نظم الكلمات، وترتيبها، واختلاف أوضاعها في التعبير عن معانيها، على الأصل الذي بني عليه عبد القاهر كلامه، فكان يطلقها على نظم الحروف، وتلاؤم مزجها، وانسجام أجراسها، وكان يذهب إلى أن الكلام -في ذلك- على طبقات، فمنه المتناهي في الثقل المفرط، كقول الشاعر:

وقبر حربٍ بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر

وقول محمد بن يسير:

لا أذيل الآمال بعدك إني ... بعدها بالآمال جد بخيل

كم لها موقف بباب صديق ... رجعت من نداه بالتعطيل

لم يضرها - والحمد لله - شيء ... وانثنت نحو عزف نفس ذهول


(١) رسائل الجاحظ ١٣٨.

<<  <   >  >>