ويجوز أن يكون الكلام الواحد كذباً محالاً؛ وهو قولك: رأيت قائماً قاعداً)، (ومررت بيقظان نائم) فتصل كذباً بمحال؛ فصار الذي هو الكذب هو المحال بالجمع بينهما، وإن كان لكل واحد منهما معنى على حدة؛ وذلك لما عقد بعضها ببعض حتى صار كلاماً واحداً.
ومنها: الغلط؛ وهو: أن تقول: (ضربني زيد) وأنت تريد: (ضربت زيداً) فغلطت فإن تعمدت ذلك كان كذباً (١)"
ويبدو أن أبا هلال قد ركز -من عبارة السيرافي- على قوله لمتى ابن يونس:(وفاسد المعنى من صالحه يعرف بالعقل)، ولهذا فإنه ذكر وجوه الكلام التي ذكرها أبو سعيد في سؤاله لمتى بن يونس: وفهم منها وجوه المعاني التي منها المستقيم الحسن، والمستقيم المحال، والمستقيم القبيح والمحال الكذب، والخطأ؛ وأعرض صفحاً عن صحيح الكلام من سقيمه الذي يعرف بالنظم والإعراب. وعن معاني النحو التي هي منقسمة بين حركات الألفاظ -كما عبر عنها أبو سعيد-
ولهذا فإنه ركز -في نظريته- على توخي صواب المعنى، و (صحة اللفظ) و (المعرفة بوجوه الاستعمال) وأن المطلوب من كل هذا هو: (توخي الصورة المقبولة والعبارة المستحسنة).
على أن قدامة بن جعفر كان حاضراً مجلس الوزير أبي الفتح الفضل ابن الفرات، وسمع مناظرة أبي سعيد. ولا ندرى أكان قد ألف كتابه "نقد الشعر" أم لا؟ وهو الذي يقول فيه "إن المعاني كلها معرضة للشاعر" إذ كانت المعاني للشعر بمنزلة المادة الموضوعة، والشعر فيها
(١) الصناعتين ٦٨ وقد استعان أبو هلال على تلك الإجابة بما قرأه في الكتاب لسيبويه ١/ ٨.