رابعاً: أن طريقة الكتاب هي طريقة المناظرة؛ وليست طريقة كتاب تعد أفكاره، وتنظم، كالذي نجده في أسرار البلاغة؛ ولهذا فإنه يكثر من قوله:(فإن قلتم: كذا)(قلنا: كذا).
وهذا هو السر في أنه يقول في أوائل "الدلائل"، " وليس يتأتى لي أن أعلمك من أول الأمر - في ذلك - آخره، وان أسمى لك الفصول التي في نيتي ان احررها بمشيئة الله - عز وجل - حتى تكون على علم بها قبل موردها عليك، فاعمل على ان ههنا فصولا، يجئ بعضها في إثر بعض (١).
ومن الغريب حقاً: أن لا يذكر الإمام عبد القاهر مصدر فكرته - في الدلائل -، وهو: مناظرة أبى سعيد السيرافي بل إنه لم يجر ذكرا لأبى سعيد السيرافي، في الدلائل الإعجاز!
هذا: في الوقت الذي يذكر فيه أبا على الفارسي - وقد كان قرين أبى سعيد السيرافي ونظيره في النحو والصرف - ثلاث مرات في دلائل الإعجاز، وهي: قوله: " ومن ذلك ما أنشده الشيخ أبو على في الإغفال" (٢) وقوله: " قال الشيخ أبو على في " الشيرازيات"(٣)، وقوله:" أنشد الشيخ أبو على في التذكرة"(٤).
فهو - كما ترى لا يكتفى بذكر " الشيخ أبى على " بل إنه يحدد الكتاب الذي أخذ منه، كالإغفال، والشيرازيات والتذكرة!
والأغرب من هذا: أن عبد القاهر قد رفض رأياً لأبى سعيد السيرافي - وهو يؤلف الدلائل - ولم يشر إليه إمعانا منه في إخفاء ذكره! ، وذلك عند شرح سيبوبه لقول الخنساء: