الذين أهينوا في شخص إمامهم أبي الحسن الأشعري، وأصبحوا يلعنون من فوق المنابر!
وكما أن أبا الحسن الأشعري قد رد أباطيل أبي علي الجبائي في تفسيره للقرآن الكريم، فإن عبد القاهر الجرجاني قد أراد أن يرد أضاليل القاضي عبد الجبار في فهمه لمعنى النظم الذي به يتم فهم معاني القرآن الكريم يقول عبد القاهر -مشيراً إلى القاضي عبد الجبار وأشياعه ممن أعجبوا بطريقة المعتزلة في تفسير القرآن بالعقل واللغة، دون الاعتماد على معاني النحو فيما بين الكلم، ويزهدون في علم النحو، ويحقرون من شأنه -: "ولو أن القدر المفتقر إليه القليل منه، اقتصروا على ذلك القليل، فلم يأخذوا أنفسهم بالقتوى فيه، والتصرف فيما لم يتعلموا منه، ولم يخوضوا في التفسير، ولم يتعاطوا التأويل، لكان البلاء واحدا، ولكانوا إذا لم يبنوا لم يهدموا، وإذا لم يصلحوا لم يكونوا سببا للفساد، ولكنهم لم يفعلوا فجلبوا من الداء ما أعي الطبيب وحيز اللبيب، وانتهى التخليط بما أتوه فيه إلى حد يئس من تلافيه، فلم يبق المعارف الذي يكره الشغب إلا المتعجب والسكوت، وما الآفة العظمى إلا واحدة، وهي، أن يجيء من الإنسان أن يجرى في لفظه ويمشي له أن يكثر في غير تحصيل، وأن يحسن البناء على غير أساس، وأن يقول الشيء لم يقتله علماً".
ثم يشير عبد القاهر إلى الزمان الذي كان يؤلف فيه (الدلائل) -وهو زمان لعن الأشاعرة من فوق المنابر- قائلاً:"ثم إنا وإن كنا في زمان هو على ما هو عليه، من إحالة الأمور عن جهاتها، وتحويل الأشياء عن حالاتها، ونقل النفوس عن طباعها "وقلب الخلائق المحمودة إلى أضدادها، ودهر ليس للفضل وأهله لديه إلا الشر صرفاً والغيط بحتاً وإلا ما يدهس عقولهم، ويسلبهم معقولهم: حتى صار أعجز الناس رأياً