للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال متى: هذا قد مر في جملة كلامك آنفاً، قال أبو سعيد: فهل وصلته بجواب قاطع وبيان ناصع؟ ، ودع هذا، أسألك عن حرف واحد، وهو دائراً في كلام العرب ومعانيه متميزة عند أهل العقل، فاستخرج أنت معانيه من ناحية منطق أرسططا ليس الذي تدل به، وتباهي بتفخيمه، وهو: الواو: ما أحكامه؟ وكيف مواقعه؟ وهل هو على وجه أو وجوه؟ فهمت متى، وقال: هذا نحو، والنحو لم أنظر فيه، لأنه لا حاجة بالمنطقي إليه، وبالنحوي حاجة شديدة إلى المنطق، لأن المنطق يبحث عن المعنى، والنحو يبحث عن اللفظ، فإن مر المنطقي باللفظ فبالعرض وإن عثر النحوي بالمعنى فبالعرض، والمعنى أشرف من اللفظ، واللفظ أوضع من المعنى.

فقال أبو سعيد: أخطأت [لأن النحو والمنطق] واللغة واللفظ، والإفصاح والإعراب، والإبانة، والحديث، والإخبار، والاستخبار والعرض والتمني، والنهي والحض، والدعاء والنداء، والطلب، كلها من واد واحد، بالمشاكلة والمماثلة، ألا ترى أن رجلاً لو قال: (نطق زيد بالحق ولكن ما تكلم بالحق، وتكلم بالفحش، ولكن ما قال الفحش، وأعرب عن نفسه، ولكن ما أفصح وأيان المراد، ولكن ما أوضح، أو فاه بحاجته ولكن ما لفظ، أو أخبر ولكن ما أنبأ لكن في جميع هذا محرفاً، ومناقضاً، وواضعاً للكلام في غير حقه، ومستعملا اللفظ على غير شهادة من عقله وعقل غيره، والنحو منطق، ولكنه مسلوخ من العربية، والمنطق نحو، ولكنه مفهوم باللغة، وإنما الخلاف بين اللفظ والمعنى أن اللفظ طبيعي، والمعنى عقلي ولهذا كان اللفظ باثداً على الزمان لأن الزمان يقفوا أثر الطبيعة بأثر آخر من الطبيعة ولهذا

<<  <   >  >>