للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن شادي ابن مروان. كان قد تولى مملكة حمص يوم وفاة والده يوم عيد الفطر سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وكان مولده سنة تسع وستين وخمسمائة، ومات يوم الثلاثاء تاسع عشر رجب من هذه السنة بحمص ودفن بتربته داخل البلد رحمه الله تعالى. وكان يحب جمع المال، وكان فيه عسف لرعيته، وجعل على التجار حقوقا محدثة، ومات في حبسه خلق كثير من الرجال، وكان شجاعا شهما، مقداما يباشر الحروب بنفسه. حفظ المسلمين من الفرنج والعرب، وبنى الأبراج على محايض العاصي ورتب فيها الرجال والطيور، وكان الفرنج إذا خرجوا أطلقوا الرجال الطيور، فيخرج بنفسه فيسبق الفرنج إلى المخاضة، فيقتل ويأسر وكذى كان يفعل بالعرب (١).

قال أهل التواريخ: كانت بلده مطهرة من الخمور والخواطئ والمكوس. وكانوا (٢) بنو أيوب يتقونه ويخافونه لأنه كان يرى أنه أحق بالملك منهم لأجل جده أسد الدين شيركوه وفتحه مصر. وكان الكامل قد استوحش منه واتهمه أنّه هو الذي أوقع بينه وبين الأشرف. وكان قد منع النساء أن يخرجن من باب حمص مدة ولايته (٣)، ولما تسلطن ولده الملك المنصور محمد ناصر الدين ابراهيم يوم وفاة والده، فلما استقر أمره مسك أخيه (٤) الملك المسعود واعتقله في مطمورة بقلعة تدمر وهرب (٤٠ أ) أخوه الآخر، وهو الملك الصالح نور الدين علي، الى الديار المصرية، واتفق الملك المنصور مع الملك الصالح اسماعيل صاحب دمشق وتحالفا على المعاضدة لبعضهم بعضا، وصارت كلمتهم واحدة (٥).

وفيها وصل السلطان الملك الناصر داوود لاستنجاز وعده له بدمشق فحمل اليه الملك الصالح نجم الدين أيوب المال، وهو أربعمائة ألف دينار، فسأله الناصر ان يجرد معه عساكر ليفتح دمشق فماطله السلطان ودافع به.

وفيها مات قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن الخليل ابن سعادة بن جعفر بن عيسى


(١) العرب من خفاجة وغيرهم الذين كانوا يقطعون الطريق على القوافل عند روابي العلمين، في مفرج الكروب ٥/ ٢٥٥.
(٢) كذا في الأصل، والصواب وكان.
(٣) في المصدر السابق ص ٢٥٦: منع النساء بحمص من أن يخرجن من باب المدينة خوفا أن يأخذ أهل البلد عيالاتهم ويهربوا.
(٤) كذا في الأصل والصواب أخاه.
(٥) عند ابن العميد في:
B .E .O .T .XV .P .١٥١
ما يشبه ذلك.

<<  <   >  >>