للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرب نارها وترميكم بشرارها فلا يبقى لكم جاه ولا عز ولا يعصمكم منا حصن ونترك (١٢١ ب) الأرض منكم خالية، فقد أيقظناكم إذ حذرناكم، فمن بقي لنا مقصد سواكم، والسلام علينا وعليكم وعلى من أطاع الهدى وخشي عواقب الردى وأطاع الملك الأعلى. فلما فهم الملك المظفر مضمونه عظم عليه وكبر لديه، وأحضر أمراءه واستشارم، وقال لهم: إن القوم لا دين لم ولا إيمان: ثم أنّ الملك المظفر أحضر الرسل وكانوا أربعة أنفس وأمر بهم الى الحبس واستشار أمراء دولته فيما يفعل، فاتفق معهم على أن يكون الملتقى بمنزلة الصالحية وما لهم قلوب تميل إلى الخروج الى الشام، فاحتاج لموافقتهم في الظاهر وباطنه كاره لذلك، ثم أنّه تخير جماعة من الأمراء واستحلفهم وجعلهم له عضدا، عند ذلك أمر الملك المظفر قطز بخروج العساكر. فلما كان يوم خروج (١) السلطان، أمر باحضار الرسل [وكانوا أربعة] (٢) وأمر أن يوسط الواحد بسوق الخيل، والثاني بظاهر باب زويلة والثالث بظاهر باب النصر، والرابع بالريدانية، ثم إن السلطان أمر بالمناداة في مدينتي القاهرة ومصر وسائر اقليم مصر يأمر بالخروج الى الغزاة في سبيل الله ونصره دين محمد، صلّى الله عليه وسلّم وكان خروج السلطان من القلعة في شهر شعبان المكرم، ونزل السلطان بمنزلة الصالحية إلى أن تحقق تكمله وصول العساكر ورسم للولاة أي جندي وجد في مكان مختف (٣) يمسك ويضرب بالمقارع، ثم أنّ السلطان الملك (١٢٢ أ) المظفر، جمع الأمراء وقال لهم: «يا أمراء المسلمين لكم زمان تأكلون أموال بيت المال وأنتم للغزاة كارهين (٤) وأنا متوجه الى طاعة الله ورسوله والذب عن عباد الله، فمن اختار منكم الجهاد يصحبني ومن لم يختر ذلك يرجع الى بيته، فإن الله مطلع عليه وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين». وتكلم (٥) الأمراء الذين مع السلطان، فلما رأوا بقية الأمراء قد عضدوا السلطان احتاجوا (٦) الى الموافقة على الرحيل، فركب السلطان وحوله أصحابه يحفوه (٧) وصناجق النصر قد نشرت على رأسه، وكان على الطليعة الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري، فحال وصول الأمير ركن الدين الى مدينة غزة، وجد


(١) حول خروج السلطان قطز لملاقاة التتار أنظر السلوك ص ٤٢٩ المختصر في أخبار البشر ٣/ ٢٠٥، والنجوم الزاهرة ٧/ ٧٨.
(٢) التكملة من السلوك.
(٣) في الأصل: مختفي.
(٤) كذا في الأصل والصواب كارهون.
(٥) فتكلم الأمراء الذين تخيرهم وحلفهم في موافقته على المسير، في السلوك ج ١ ق ٢، ص ٤٢٩.
(٦) فلم يسع البقية إلا الموافقة في المصدر السابق.
(٧) كذا في الأصل والصواب: يحفونه.

<<  <   >  >>