كتاب نزهة الأنام فى تاريخ الإسلام

ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وستمائة - [الوفيات] - ص: 77

اثنتين وثلاثين ودفن بسفح المقطّم، والفارض هو الذي يكتب فروض النساء على الرجال والله أعلم. (١٧ ب) وفيها مات بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم بن عتبة بن محمد بن عتّاب الأسدي قاضي حلب، المعروف بابن شدّاد (١) الفقيه الشافعي. مولده بالموصل ليلة العاشر من شهر رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، ومات والده وهو صغير ونشأ عند أخواله بني شداد فنسب اليهم، وشداد جده لأمه، وحفظ القرآن العظيم بالموصل واتقن القراءات السبع على جماعة من المشايخ وسمع الحديث الكثير واتقن الخلاف وباحث فيه، وانحدر الى بغداد ونزل بالمدرسة النظامية وترتب فيها معيدا بعد وصوله اليها بقليل، وأقام بها أربع سنين، ثم أصعد الى الموصل في سنة تسع وستين فرتب مدرسا في المدرسة التي أنشأها القاضي كمال الدين أبو الفضل محمد الشهرزوري (٢) ولازم الاشتغال وانتفع به جماعة، وحج في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة وزار بيت المقدس والخليل عليه السلام بعد الحج والزيارة، ودخل دمشق فسمع السلطان صلاح الدين بوصوله فاستدعاه إليه، فلمّا دخل عليه قابله بالاكرام التام وسأله عن الطريق ومن كان فيه من المشايخ، وسأله أن يسمع عليه جزء (٣) من الحديث وقرأه عليه بنفسه. وجمع كتابا يشتمل على فضائل الجهاد يحتوي ثلاثين كراسا وقدمه للسلطان، فاتصل بخدمته في مستهل جمادى الأول سنة أربع وثمانين، ثم ولاه قضاء العسكر والحكم بالقدس الشريف، ولما مات السلطان صلاح الدين كان حاضرا عنده. ثم اتصل بخدمة السلطان الملك الظاهر (١٨ أ) ابن صلاح الدين في سنة إحدى وتسعين (٤)، وقدم إليه الى حلب وولاه قضاءها وأوقافها (٥). وكانت حلب في ذلك الزمان قليلة المدارس، فاعتنى القاضي بهاء الدين بتدبير أمورها وترتيبها وجمع الفقهاء بها، وعمرت في أيامه مدارس كثيرة وكان الملك الظاهر قد قرر له إقطاعا جيدا يحصل منه جملة مستكثرة، ولم يكن عليه خرج

---

(١) قارن ترجمته في وفيات الأعيان ٧/ ٨٤ التي من المرجح أن ابن دقماق نقل عنها حرفيا أحيانا وبشيء من التصرف أحيانا أخرى. وانظر ترجمته أيضا في طبقات الشافعية الكبرى ١٥/ ١٥١، العبر ٥/ ١٣٢، ذيل الروضتين ص ١٦٣، مرآة الجنان ٤/ ٨٢، تاريخ ابن الوردي ٢/ ٢٣٦، مفرج الكروب ٥/ ٨٩، الشذرات ٥/ ١٥٨، اعلام لنبلاء ٤/ ٣٨٣ وتاريخ الإسلام للذهبي، الطبقة الرابعة والستون:١١٧ (رقم ١٥٠).
(٢) هو أبو الفضل محمد بن أبي محمد عبد الله بن أبي أحمد القاسم الشهرزوري الملقب كمال الدين، الفقيه الشافعي، كانت ولادته سنة ٤٩٢ هـ‍ بالموصل وتوفي سنة ٥٧٢ بدمشق، أنظر ترجمته مستوفاة من وفيات الأعيان ٤/ ٢٤١.
(٣) كذا في الأصل، والصواب جزءا.
(٤) أي سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
(٥) يذكر ابن العديم أنه في سنة ٥٩١ هـ‍ اتصل القاضي بهاء الدين ابن شداد بخدمة الملك الظاهر وقدم إليه في حلب وولاه قضاء حلب ووقوفها. راجع زبدة الحلب ٣/ ١٣٢.