الشافعي، ومحمد بن إسماعيل البخاري -رحمهما الله تعالى-).
قلت: وهذا في غاية التحقيق وهو الواقع الذي لا يرتاب فيه عاقل، أما تلك الصفات الأخرى فمنشؤها والله أعلم فعل بعض الصحابة فإنه لا ينكر عن بعضهم بعض تلك الصفات التي صدرت منهم عن اجتهاد لا عن توقيف، وكان وجه تلك الزيادات في نظرهم أنهم كما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في صلاة الكسوف عن سننها المألوف فركع في كل ركعة ركوعين فهموا الإذن في الزيادة من الركوع، وإن المقصود الإِكثار منه حتى يقع الانجلاء، فركع بعضهم ثلاث ركوعات، وبعضهم أربعًا، وبعضهم خمسًا، فظن الرواة أن فعلهم ذلك مروي، فرفعوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينتبه لهذا أبو محمد بن حزم، فحكم بصحة جميع هذه الصفات وجعل المصلي مخيرًا أن يفعل منها ما شاء، لثبوت الجميع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نظره لأنه ظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الكسوف مرارًا في كل مرة منها صلى نوعًا من تلك الأنواع، والواقع أنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة، ولذلك استحال ثبوت جميع تلك الصفات عنه، وهكذا وقع في قوله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له فإنه حديث قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير خطبة الكسوف، كما رواه أبو بكرة كذلك مستقلًا ولكن الرواة لسوء فهمهم، وقلة إتقانهم أدرجه بعضهم في حديث النعمان بن بشير، وحديث أبي بكرة، ولذلك لم يذكره الحفاظ المتقنون فيه لا في حديث أبي بكرة ولا في حديث النعمان، والحمد لله على فضله.