للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويأكل الطعام فيستحيل عذرةً.

والخنزيرُ مخلوقٌ من الماء والتراب، وهما طاهران (١). انتهى.


(١) قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (٢١/ ٣١٩ - ٣٣٣) (رسالة في الحمام): فصل: الماء الجاري في أرض الحمام، خارجًا منها، أو نازلًا في بلاليعها، لا يحكم بنجاسته، بل بطهارته، إلا أن تعلم نجاسة شيءٍ منه، ولهذا كان ظاهر مذهب أحمد: أن الحمام لم ينه عن الصلاة فيها لكونها مظنة النجاسة، كما ذهب إليه طائفة من الفقهاء، وهو وجه في مذهب أحمد، ومن قال هذا قال: إذا غسلنا موضعًا منها، أو تيقنا طهارته، جازت الصلاة فيه.
وأما على من قال بالنهي مطلقًا كما في حديث أبي سعيد الذي في سنن أبي داود وغيره - وقد صحّحه من صحّحه من الحفاظ، وبينوا أن رواية من أرسله لا تنافي الرواية المسندة الثابتة - أن النبي قال: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام"، فاستثنى الحمام مطلقًا، فيتناول الاسم ما دخل في المسمى، فلهم طريقان: أحدهما: أن النهي تعبد، لا يعقل معناه، كما ذهب إليه طائفة من أصحاب أحمد، وغيرهم كأبي بكر والقاضي أبي يعلى وأتباعه. والثاني: أن ذلك لأنها مأوى الشياطين، كما في الحديث الذي رواه الطبراني، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن الشيطان قال: يا رب اجعل لي بيتًا، قال: بيتك الحمام. قال: اجعل لي قرآنا. قال: قرآنك الشعر. قال: اجعل لي مؤذنًا. قال: مؤذنك المزمار".
وهذا التعليل كتعليل النهي عن الصلاة في أعطان الإبل بنحو ذلك، كما في الحديث: "إن على ذروة كل بعير شيطان، وإنها جن خلقت من جن"، إذ لا يصح التعليل هناك بالنجاسة؛ لأنه فرق بين أعطان الإبل ومبارك الغنم، وكلاهما في الطهارة والنجاسة سواء، كما لا يصح تعليل الأمر بالوضوء من لحومها؛ بأنه لأجل مسّ النار، مع تفريقه بين لحوم الإبل ولحوم الغنم، وكلاهما في مس النار وعدمه سواء.
وكذلك تعليل النهي عن الصلاة في المقبرة بنجاسة التراب هو ضعيف، فإن النهي عن المقبرة مطلقًا، وعن اتخاذ القبور مساجد، ونحو ذلك، مما يبين أن النهي لما فيه من مظنة الشرك، ومشابهة المشركين. =

<<  <   >  >>