للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= والجواب عنها مبني على أصول ثلاثة:
أحدها: الجواب فيه من وجوه: أحدها: أن يقال: الماء الفائض من حياض الحمام والمصبوب على أبدان المغتسلين أو على أرض الحمام، طاهر بيقين، وما ذكر مشكوك في إصابته لهذا الماء المعين، فإنه وإن تيقن أن الحمام يكون فيه مثل هذا، فلم يتيقن أن هذا الماء المعين أصابه هذا، واليقين لا يزول بالشك.
الوجه الثاني: أن يقال: هذا بعينه وارد في طين الشوارع لكثرة ما يصيبه من أبوال الدواب، وقد قال أصحاب أحمد وغيرهم: بطهارته، بل النجاسة في طين الشوارع أكثر وأثبت؛ فإن الحمام وإن خالط بعض مياهها نجاسة فإنه يندفع ولا يثبت بخلاف طين الشوارع.
الوجه الثالث: أن يقال: كما أن الأصل عدم النجاسة، فالظاهر موافق للأصل، وذلك أنا إذا اعتبرنا ما تلاقيه النجاسة في العادة، وما لا تلاقيه كان ما لا تلاقيه أكثر بكثير، فإن غالب المياه الجارية في أرض الحمام لا يلاقيها في العادة نجاسة، وإذا اتفق الأصل والظاهر، لم تبق المسألة من موارد النزاع، بل من مواقع الإجماع، ولهذا قلت: أنه لا يستحب غسل ذلك تنجسًا، فإنه وسواس. ولنا فيما إذا شك في نجاسة الماء: هل يستحب البحث عن نجاسته؟ وجهان: أظهرهما: لا يستحب البحث، لحديث عمر. وذلك لأن حكم الغائب إنما يثبت بعد العلم في الصحيح، الذي هو ظاهر مذهب أحمد ومذهب مالك وغيرهما، ولا إعادة على من لم يعلم أن عليه نجاسة، وهذا وإن كان في اجتنابها في الصلاة، فمسألة إصابتها لنا فيها أيضًا وجهان.
الوجه الرابع: أنا إذا قدرنا أن الغالب التنجس، فقد يعارض الأصل والظاهر، وفي مثل هذا كثيرًا ما يجيء قولان في مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما، كثياب الكفار ونحو ذلك، لكن مع مشقة الاحتراز كطين الشوارع، يرجحون الطهارة، وإذا قيل بالتنجيس في مثل هذا عفي عن يسيره.
الأصل الثاني: أن نقول: هب أن هذا الماء خالطته نجاسة، لكنه ماء جار، فإنه ساحٌّ على وجه الأرض، والماء الجاري إذا خالطته نجاسة، ففيه للعلماء قولان: أحدهما: أنه لا ينجس إلا بالتغير بالنجاسة، وهذا أصح القولين، وهو مذهب مالك وأحمد=

<<  <   >  >>