للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فليدلكهما بالتراب، فإن التراب لهما طهور"، فإذا كان قد جعل التراب يطهر أسفل الخف؛ فلأن يطهر نفسه أولى وأحرى.
وأيضًا فمن المعلوم: أن غالب طرقات الناس تحتمل من النجاسة نحو ما تحتمله المقبرة والحمام، أو نحو ذلك أو أكثر من ذلك، فلو كان ذلك سبب النهي لنهى عن الصلاة في النعال مطلقًا؛ لأن هذا الاحتمال فيها أظهر، فهذه السنن تبطل ذلك التعليل من وجهين:
من جهة أن هذا الاحتمال لم يلتفت إليه، ومن جهة أن التراب مطهر لما يلاقيه في العادة.
والمقصود هنا: الكلام في الماء الجاري في الحمام، فنقول: إن كراهة هذا الماء وتوقيه، وكسل ما يصيب البدن والثوب منه، إما أن يكون على جهة الاستقذار، وإما أن يكون على جهة النجاسة.
أما الأول فكما يغسل الإنسان بدنه وثيابه من الوسخ والدنس، ومن الوحل الذي يصيبه، ومن المخاط والبصاق، ومن المني على القول بطهارته، وأشباه ذلك. ومثل هذا قد يكون في المياه المتغيزة بمقرّها وممازجها، ونحو ذلك. وهذا نوع غير النوع الذي نتكلم فيه الآن.
وأما اجتناب ذلك على جهة تنجيسه، فحجّته أن يقال: إن هذا الماء في مظنة أن تخالطه النجاسة، وهو ما يكون في الحمام من القيء والبول؛ فإن هذه النجاسة التي قد تكون في الحمام، فأما العذرة أو الدم أو غير ذلك، فلا تكاد تكون في الحمام، وإن كان فيها نادرًا تميز وظهر.
وأيضًا فقد يزال به نجاسة تكون على البدن أو الثياب، فإن كثيرًا ممن يدخل الحمام يكون على بدنه نجاسة، إما من تخلي، وإما من مرض، وإما غير ذلك، فيغسلها في الحمام، وكذلك بعض الآنية قد يكون نجسًا، وقد يكون بعض ما يغسل فيها من الثياب نجسًا.
وأيضًا فهذا الماء كثيرًا ما يكون فيه الماء المستعمل في رفع الحدث، وهو نجس عند من يقول بنجاسته، فهذه الحجة المعتمدة. =

<<  <   >  >>