تناوله بعين ما تقدم من دليلهم؛ ولأنّ التحريم في كتاب الله تعالى وسنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تتعلق بأسماءٍ ولها معانٍ. والتحليل كذلك، فإنّ الله تعالى أحلَّ اللبنَ والعسلَ والدّهنَ ونحوها. وحرّم الميتة والدّم والخمر والخبائث من غيرها.
والنجس المستهلك في الزيت لا يتناوله لفظ التحريم، ولا معناه. والمستهلك فيه لم يثبت له اسم الخبث، بل هذا المائع الذي استهلك فيه الخبث، إنّما يُسمَّى لبنًا وعسلًا وزيتًا مثلًا، ولا يُسَمَّى باسم الخبث، يكون قد تناوله نصوص التحليل دون التحريم، فيكون طاهرًا حلالًا لا حرامًا نجسًا. وفي هذا تكريرُ الاستدلال للتوضيح.
وكذا لو شرب زيتًا استهلكت فيه الخمر لا يجلد ولو شرب الصبي في زمن الرضاع لبنًا مغلوبًا بغيره، لا يثبت حرمة الرضاع [٢٦/ أ] وحينئذٍ إن لم يكن محل إطلاقِ المشايخ التنجيس والحرمة والأمر بالإراقة أو الاستصباح والبيع بالمعنى المذكور. والتطهير بالطريق المذكور: أنَّ ما يكون في الأواني بل هو أعمّ من ذلك، فالترجيح عندي لما قال شداد: المائع كالماء وإن كان مرادهم ما يكون في الأواني كما تقتضيه عبارة الكرخي.
فالقولان متوافقان، ويحمل رواية أبي داود على تقدير الثبوت على أنها خرجت مخرج العادة.
ومثلها: مرسلُ مكحولٍ، وأقوالُ الصحابة والتابعين المذكورين، وهو ظاهر.