للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجنازة في المسجد وكراهيتها، هو قول أبي حنيفة ومحمَّدٍ، وهو قول أبي يوسف أيضًا، غير أنّ أصحاب الإملاءِ رووا عنه (١) أنّه قالَ: إذا كان مسجدٌ قد أُفْرِدَ للصلاة على الجنائز، فلا بأس بأن يصلّى على الجنائز فيه (٢) (٣).


= وذهبت معرفة ذلك من عامّتهم، فلم يكن ذلك عندها لكراهة حدثت، ولكن كان ذلك عندها؛ لأن لهم أن يصلوا في المسجد على جنائزهم، ولهم أن يصلوا عليها في غيره، ولا يكون صلاتهم في غيره دليلًا على كراهة الصلاة فيه، كما لم تكن صلالهم فيه دليلًا على كراهة الصلاة في غيره، فقالت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم مات سعد ما قالت لذلك، وأنكر عليها ذلك الناس، وهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن تبعهم، وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - قد علم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسخ الصلاة عليهم في المسجد بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي سمعه منه في ذلك، وأن ذلك الترك الذي كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصلاة على الجنائز في المسجد بعد أن كان يفعلها فيه، ترك نسخ، فذلك أولى من حديث عائشة؛ لأن حديث عائشة - رضي الله عنها - إخبار عن فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حال الإباحة التي لم يتقدمها نهي، وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - إخبار عن نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قد تقدمته الإباحة، فصار حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أولى من حديث عائشة - رضي الله عنها -؛ لأنه ناسخٌ له، وفي إنكار من أنكر ذلك على عائشة - رضي الله عنها - وهم يومئذ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دليلٌ على أنهم قد كانوا علموا في ذلك خلاف ما علمت، ولولا ذلك لما أنكروا ذلك عليها، وهذا الذي ذكرنا من النهي عن الصلاة. . . فذكره.
(١) أي: أبو يوسف.
(٢) تحرف في المخطوط إلى: (إذا كان مسجدًا فرد للصلاة على الجنائز فيه، يصلي على الجنائز فيه، فلا بأس أن). والمثبت من شرح معاني الآثار.
(٣) قال صاحب رد المحتار (٦/ ٣٣٨): مطلبٌ في كراهة صلاة الجنازة في المسجد: (قوله: وقيل تنزيهًا) رجّحه المحقّق ابن الهمام وأطال؛ ووافقه تلميذه العلّامة ابن أمبر حاجٍّ، وخالفه تلميذه الثّاني الحافظ الزّينيّ قاسمٌ في فتواه برسالةٍ خاصّةٍ،=

<<  <   >  >>