للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روينا في الفصل الثَّاني كراهة ذلك، احتجنا إلى كشف ذلك) (١) لنعلم المتأَخِّر من الحديثين، فنجعله ناسخًا للمتقدِّم منهما.

فوجدنا في حديث عائشة دليلًا على أنَّهم [قد] كانوا تركوا الصَّلاة على الجنائز في المسجد، بعد أن كانت تفعل فيه، وارتفع (٢) ذلك من فعلهم،


(١) ما بين حاصرتين في المخطوط: (نظرنا في ذلك).
(٢) في شرح معاني الآثار: حتى ارتفع ذلك من فعلهم، وذهبت معرفة ذلك من عامّتهم.
فلم يكن ذلك عندها، لكراهةٍ حدثت، ولكن كان ذلك عندها، لأنّ لهم أن يصلّوا في المسجد على جنائزهم، ولهم أن يصلّوا عليها في غيره.
ولا يكون صلاتهم في غيره دليلًا على كراهة الصّلاة فيه.
كما لم تكن صلاتهم فيه دليلًا على كراهة الصّلاة في غيره.
فقالت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم مات سعدٌ ما قالت لذلك.
وأنكر عليها ذلك النّاس، وهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن تبعهم.
وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - قد علم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسخ الصلاة عليهم في المسجد بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الّذي سمعه منه في ذلك، وأن ذلك التّرك الذي كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصلاة على الجنائز في المسجد، بعد أن كان يفعلها فيه، ترك نسخٍ.
فذلك أولى من حديث عائشة؛ لأنّ حديث عائشة - رضي الله عنه - إخبارٌ عن فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حال الإباحة التي لم يتقدّمها نهيٌ.
وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - إخبارٌ عن نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قد تقدّمته الإباحة.
فصار حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أولى من حديث عائشة - رضي الله عنهما -، لأنة ناسخ له.
وفي إنكار من أنكر ذلك على عائشة - رضي الله عنهما -، وهم يومئذٍ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دليل على أنهّم قد كانوا علموا في ذلك، خلاف ما علمت، ولولا ذلك لما أنكروا ذلك عليها. =

<<  <   >  >>