للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الاجتهاد في الطّهارة، ولا نقول في الزَّكاة حق الفقراء بل هي محض حق الله تعالى، والفقير مصرف لا مستحق كالكعبة لأداء الصّلاة جهة تستقبل عند أدائها والصلاة تقع لله تعالى ثمّ هناك يسقط عنه الواجب إذا أتى بما في وسعه، ولا معتبر بالتبين بعد ذلك بخلافه فكذلك هنا، ولو تبين أن المدفوع إليه كان أبا الدافع أو ابنه فهو على هذا الاختلاف أيضًا، وذكر ابن شجاع عن أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - أنه لا يجزئه هنا كما هو قول أبي يوسف - رحمه الله تعالى - أما طريق أبي يوسف - رحمه الله تعالى - أنه من لا يكون مصرفًا للصدقة مع العلم بحاله لا يكون مصرفًا عند الجهل بحاله إذا تبين الأمر بخلافه. وجه رواية ابن شجاع أن النسب ممّا يعرف حقيقة ولهذا لو قال لغيره لستَ لأبيك لا يلزم الحدّ، والحد يدرأ بالشبهة فكان ظهور النسب بمنزلة ظهور النص بخلاف الاجتهاد. وجه ظاهر الرِّواية ما احتج به في الكتاب فإنّه روى عن إسرائيل عن أبي الجويرية عن معن بْن يزيد السلمي قال: خاصمت أبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقضى لي عليه، وذلك أن أبي أعطى صدقته لرجل في المسجد وأمره بأن يتصدق بها فأتيته فأعطانيها، ثمّ أتيت أبي فعلم بها، فقال: والله يا بني! ما إياك أردت بها، فاختصمنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا يزيد لك ما نويت ويا معن لك ما أخذت" ولا معنى لحمله على التطوع لأنّ ترك الاستفسار من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دليل على أن الحكم في الكل واحد مع أن مطلق الصَّدقة ينصرف إلى الواجب، وفي بعض الروايات قال صدقة ماله وهو تنصيص على الواجب.
وكان المعنى فيه: أن الواجب فعل هو قربة في محل يجري فيه الشح والضن وهو المال باعتبار مصرف ليس بينهما ولاد ثمّ عند الاشتباه والحاجة أقام الشّرع أكثر هذه الأوصاف مقام الكل في حكم الجواز والحاجة ماسة لتعذر استرداد المقبوض من القابض وبهذا يستدل في المسألةُ الأولى أيضًا فإن الصَّدقة على الغني فيها معنى القربة كالتصدق على الولد ولهذا لا رجوع فيه فيقام أكثر الأوصاف مقام الكل في حق الجواز ثمّ طريق معرفة البنوة الاجتهاد ألَّا ترى أنه لما نزل قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}. قال عبد الله بْن سلام - رضي الله عنه -: والله إنِّي بنبوته أعرف مني بولدي فإني أعرفه نبيًّا حقًّا ولا أدري ماذا أحدث النِّساء بعدي وإذا كان طريق المعرفة =

<<  <   >  >>