وحجتنا في ذلك قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة: ١١٥]، الآية وفي سبب نزولها حديثان: أحدهما ما روي عن عبد الله بْن عامر - رحمه الله تعالى - قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر في ليلة طحياء مظلمة فاشتبهت علينا القبلة فتحرى كلّ واحد منا وخط بين يديه خطًّا، فلما أصبحنا إذا الخطوط على غير القبلة فلما رجعنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألناه عن ذلك فنزلت الآية فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أجزأتكم صلاتكم". وفي حديث جابر - رضي الله عنه - قال: كنا في سفر في يوم ذي ضباب فاشتبهت علينا القبلة فتحرى وصلّى كلّ واحد منا إلى جهة فلما انكشف الضباب فمنا من أصاب ومنا من أخطأ فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فنزلت الآية ولم يأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإعادة الصّلاة. وقال علي - رضي الله عنه - قبلة المتحري جهة قصده معناه تجوز صلاته إذا توجه إلى جهة قصده والمعنى فيه أنه مؤد لما كلف فيسقط عنه الفرض مطلقًا كما لو تيامن أو تياسر، وبيان الوصف ما قررناه فيما سبق أن المقصود من طلب الجهة ليست عين الجهة إنّما المقصود وجه الله تعالى إِلَّا أنه يؤمر بطلب الجهة لتحقيق معنى الابتلاء وما هو المقصود وهو الابتلاء، قد تم بتحريه فيسقط عنه ما لزمه من الفرض، ألَّا ترى أن في التيامن والتياسر على وجه لا يجوز مع العلم يحكم بجواز صلاته عند التّحرِّي للمعنى الّذي قلنا فكذلك في الاستدبار، وإيضاح ما قلنا فيما نقل عن بعض العارفين قال: قبلة البشر الكعبة وقبلة أهل السَّماء البيت المعمور وقبلة الكروبين الكرسي، وقبلة حملة العرش العرش، ومطلوب الكل وجه الله تعالى وهذا بخلاف ما إذا ظهرت النّجاسة في الثّوب أو في الماء لما قلنا أن ذلك ممّا يمكن الوقوف على حقيقته؛ ولأن التوضؤ =