للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بالماء النجس ليس بقربة فلا يمكن أداء الواجب به بحال، فأمَّا الصّلاة إلى غير القبلة قربة ألَّا ترى أن الراكب يتطوع على دابته حيث ما توجهت به اختيارًا.
ويؤدِّي الفرض كذلك عند العذر أيضًا، وبنحو هذا فرق في الزَّكاة أيضًا أن التصدق على الأب وعلى الغني قربة ولهذا لا يثبت له حق الاسترداد كما قررنا، فأمَّا إذا أعرض عن الجهة الّتي أدى إليها اجتهاده وصلّى إلى جهة أخرى ثمّ تبين أنه أصاب القبلة فعليه إعادة الصّلاة في قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وقد روي عن أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - قال: أخشى عليه الكفر لإعراضه عن القبلة عنده. وروي عنه أيضًا أنه قال: أما يكفيه أن لا يحكم بكفره. وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - تجوز صلاته لأنّ لزوم التّحرِّي كان لمقصود وقد أصاب ذلك المقصود بغيره فكان هذا وما لو أصابه بالتحري سواء، وهذا على أصله مستقيم لأنه يسقط اعتبار التّحرِّي إذا تبين الأمر بخلافه كما قال في الزَّكاة، وإذا سقط اعتبار التّحرِّي فكأنه صلّى إلى هذه الجهة من غير تحر وقد تبين أنه أصاب فتجوز صلاته. وجه قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى -: أنه اعتقد فساد صلاته لأنّ عنده أنه صلّى إلى غير القبلة فلا يجوز الحكم بجواز صلاته مع اعتقاده الفساد فيه كما لو اقتدى بالإمام وهو يصلّي إلى غير جهته لم تجز صلاته إذا علم لاعتقاده أن إمامه على الخطأ، يوضحه أن الجهة الّتي أدى إليها اجتهاده صارت بمنزلة القبلة في حقه عملًا حتّى لو صلّى إليها جازت صلاته، وإن تبين الأمر بخلافه فصار هو في الإعراض عنها بمنزلة ما لو كان معاينًا الكعبة فأعرض عنها وصلّى إلى جهة أخرى فتكون صلاته فاسدة ولهذا لا يحكم بكفره لأنّ تلك الجهة ما انتصبت قبلة حقيقة في حق العلم وإن انتصبت قبلة في حق العمل، فإن كان تبين الحال له في خلال الصّلاة فنقول: أما في هذا الفصل فعليه استقبال الصّلاة لأنه لو تبين له بعد الفراغ لزمه الإعادة، فإذا تبين في خلال الصّلاة أولى، ولم يرو عن أبي يوسف - رضي الله عنه - خلاف هذا وينبغي أن يكون هذا مذهبه أيضًا؛ لأنه قد يقول قوي حاله بالتيقن بالإصابة في خلال الصّلاة ولا ينبني القوي على الضعيف كالمومئ إذا قدر على الركوع والسجود في خلال الصّلاة، فأمَّا إذا كان مصلّيا إلى الجهة الّتي أدى إليها اجتهاده فتبين أنه أخطأ فعليه أن يتحول إلى جهة =

<<  <   >  >>