للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= القوة حكمًا فلا يلزمه الانتقال بخلاف ما بعد الشك لأنّ هناك صلاته ليست بصحيحة إِلَّا بالتيقن بالإصابة، فإذا تبين أنه أصاب فقد تقوى حاله حكمًا فلهذا لزم مع الاستقبال.
رجل دخل مسجدًا لا محراب فيه وقبلته مشكلة، وفيه قوم من أهله، فتحرى القبلة وصلّى، ثمّ علم أنه أخطأ القبلة فعليه أن يعيد الصّلاة؛ لأنّ التّحرِّي حصل في غير أوانه، فإن أوان التّحرِّي ما بعد انقطاع الأدلة، وقد بقي هنا دليل له وهو السؤال، فكان وجود التّحرِّي كعدمه فيصير كأنه صلّى بعد الشك من غير التّحرِّي، فلا تجزيه صلاته إِلَّا إذا تبين أنه أصاب، فكذا هذا عليه الإعادة لما تبين أنه أخطأ، فإن تبين أنه أصاب فصلاته جائزة، واستشهد لهذا بمن أتى ماء من المياه أو حيًّا من الأحياء، وطلب الماء فلم يجده فتيمم وصلّى ثمّ وجده، فإن كان في الحي قوم من أهله ولم يسألهم حتّى تيمم وصلّى ثمّ سألهم فأخبروه لم تجز صلاته، وإن سألهم فلم يخبروه أو لم يكن بحضرته من يسأله أجزأته صلاته، وكذلك لو افتتح الصّلاة بالتيمُّم ثمّ رأى إنسانًا فظن أن عنده خبر الماء يتم صلاته ثمّ يسأله فإن أخبره أن الماء قريب منه يعيد الصّلاة، فإن لم يعلم من خبر الماء شيئًا فليس عليه إعادة الصّلاة. وقد بيَّنَّا في كتاب الصّلاة هذه الفصول والفرق بينها وبين ما إذا سأله في الابتداء فلم يخبره حتّى صلّى بالتيمُّم ثمّ أخبره فليس عليه إعادة الصّلاة، فأمر القبلة كذلك. ولم يذكر في الكتاب أن هذا الاشتباه لو كان له بمكة ولم يكن بحضرته من يسأله فصلّى بالتحري ثمّ تبين أنه أخطأ هل يلزمه الإعادة، فقد ذكر ابن رستم عن محمّد - رحمهما الله تعالى - أنه لا إعادة عليه. وهذا هو الأقيس لأنه لما كان محبوسًا في بيت وقد انقطعت عنه الأدلة ففرضه التّحرِّي، ويحكم بجواز صلاته بالتحري فلا تلزمه الإعادة كما لو كان خارج مكّة، وكان أبو بكر الرَّازيُّ - رحمه الله تعالى - يقول هنا تلزمه الإعادة لأنه تيقن بالخطأ إذا كان بمكة.
قال: (وكذلك إذا كان بالمدينة) لأنّ القبلة بالمدينة مقطوع بها فإنّه إنّما نصبها رسول اللُّه - صلى الله عليه وسلم - بالوحي بخلاف سائر البقاع؛ ولأن الاشتباه بمكة يندر والحكم لا ينبني على النادر فلا يندر تحريه للحكم بالجواز هنا، بخلاف سائر البقاع فإن الاشتباه يكثر =

<<  <   >  >>