كذا ذكر الكرخيّ والرّازي، وهو قول عامّة مشايخنا بما وراء النّهر، وقال بعضهم: المفروض إصابة عين الكعبة بالاجتهاد والتّحرّي، وهو قول أبي عبد الله البَصْريُّ حتّى قالوا: (إنّ نيةّ الكعبة شرطٌ) وجه قول هؤلاء قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}، من غير فصلٍ بين حال المشاهدة والغيبة؛ ولأنّ لزوم الاستقبال لحرمة البقعة، وهذا المعنى في العين لا في الجهة؛ ولأنّ قبلته لو كانت الجهة لكان ينبغي له إذا اجتهد فأخطأ الجهة يلزمه الإعادة لظهور خطئه في اجتهاده بيقينٍ، ومع ذلك لا تلزمه الإعادة بلا خلافٍ بين أصحابنا، فدلّ أنّ قبلته في هذه الحالة عين الكعبة بالاجتهاد والتّحرّي. (وجه) قول الأوّلين أن المفروض هو المقدور عليه، وإصابة العين غير مقدورٍ عليها فلا تكون مفروضةً، ولأنّ قبلته لو كانت عين الكعبة في هنه الحالة بالتّحرّي والاجتهاد لتردّدت صلاته بين الجواز والفساد؛ لأنّه إن أصاب عين الكعبة بتحرّيه جازت صلاته، وإن لم يصب عين الكعبة لا تجوز صلاته؛ لأنة ظهر خطؤه بيقينٍ، إِلَّا أن يجعل كلّ مجتهدٍ مصيبًا وإنّه خلاف المذهب الحقّ. وقد عرف بطلانه في أصول الفقه، أمّا إذا جعلت قبلته الجهة وهي المحاريب المنصوبة لا يتصوّر ظهور الخطأ، فنزلت الجهة في هذه الحالة منزلة عين الكعبة في حال المشاهدة، ولله تعالى أن يجعل أيّ جهةٍ شاء قبلةً لعباده على اختلاف الأحوال، وإليه وقعت الإشارة في قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}؛ ولأنّهم جعلوا عين الكعبة قبلةً في هذه الحالة بالتّحرّي، وأنّه مبنيٌّ على تجرّد شهادة القلب =