للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال البيهقي (١): يحتمل أنه ورد في الجلوس للتشهد، فلا يكون منافياً.

قلتُ: هذا لا دليل عليه بعد بيان أهل اللسان، كيف وقد روى أبو حميد، في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه كَانَ يَهْوِي إِلَى الأَرضِ، فَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، ثُمَّ يَرفَعُ رَأْسَهُ، وَيثنِي رِجْلَهُ اليُسْرَى. . . الحديث. رواه البخاري في صحيحه (٢).

ووفّق النووي في شرح المهذب: بأنّ هذا هو الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يواظبُ عليه لتصديق عشرةٍ من الصّحابة أبا حميدٍ على ذلك (٣).

وما رواه ابن عبّاس، كان بما فعل قليلاً لبيان الجواز والرّخصة.

وغلط الخطابي في دعواه نسخ ما رواه ابن عباس، وزعمه: أنّ الأحاديث متعارضة تعارضاً لا يمكن معه الجمع.

قلتُ: فيما قاله النووي نظرٌ من وجهين:


= (قوله: والحق أن هذا الجواب ليس لأئمّتنا. . . إلخ) يؤيّده ما قاله العلاّمة قاسمٌ في فتاويه: وأمّا نصب القدمين والجلوس على العقبين فمكروهٌ في جميع الجلسات من غير خلافٍ نعرفه إلَّا ما ذكره الشَّيخ محيي الدّين النووي عن الشافعي في قولٍ له: أنّه يستحب الجلوس بين السجدتين بهذه الصّفة. قال محمَّدٌ - رحمه الله - في موطئه: لا ينبغي أن يجلس على عقبيه بين السجدتين، ولكنّه يجلس بينهما كجلوسه في صلاته، وهو قول أبي حنيفة - رحمه الله -. وذكره الطحاويّ عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد - رحمهم الله -.
(١) السنن الكبرى (٢/ ٤٠٨) قال: يحتمل أن يكون وارداً في الجلوس للتشهدّ الأخير فلا يكون منافياً.
(٢) تقدّم.
(٣) المجموع شرح المهذب (٣/ ٤٣٩ و ٤٥١).

<<  <   >  >>