للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهم من قال: لا، بل هذا الخلاف اختلاف حجة وبرهان. وهو الصحيح.

هما يقولان: إنّ العدالة ثابتة باستصحاب الحال. والثابت باستصحاب الحال يصلح حجّةً لإبقاء ما كان ثابتًا، ولا يصلح لإثبات ما لم يكن، وهو الأخذ بالشّفعة، والحق لم يكن ثابتًا كالملك الثابت بظاهر النّص يصلح للدفع إِيقاعًا ما كان ثابتًا، ولا يصلح لإثبات ما لم يكن. وهو الأخذ بالشفعة. والحق لم يكن ثابتًا على المشهور عليه قبل الشهادة. فلا يثبت بالعدالة الثابتة باستصحاب الحال.

وأبو حنيفة احتجّ بما روى محمد في أدب القاضي، عن عمر بن الخطاب أنّه قال: الْمُسْلِمُونَ عُدُلٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِلاَّ مَجْلُودٌ حَدًّا، أَوْ مُجَرّباً عَلَيْهِ شَهَادَةً زُورًا، أَوْ ظِنِّينًا فِي وَلاَءٍ أَوْ قَرَابَةٍ (١).

فهذا القول نقل عنه، ولم ينقل عن غيره خلاف ذلك. فحلّ محلّ الإجماع.

والفقه فيه: أنّ العدالة ثابتة باستصحاب الحال. والثَّابت: باستصحابٍ يصلح حجّة لإثبات ما لم يكن ثابتًا حال عدم المنازعة كالملك الثابت بظاهرٍ إليه يصلح حجّة لاستحقاق الشفعة حال عدم منازعة المشتري. وهنا لم توجد


(١) رواه البيهقي في السنن (٢/ ٢٤) ومعرفة السنن والآثار (٦١٤٦) أن عمر كتب به إلى أبي موسى الأشعري.
وانظره في فتح القدير لابن الهمام (١٧/ ٦١ و ١١٤ و ٢٢/ ١٤٦) وبدائع الصنائع للكاشاني (١٤/ ٤٣٣) والعناية شرح الهداية (١٠/ ٣٨٩ و ٣٩٢) وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (١٢/ ٢١٧ و ٢٨٨).

<<  <   >  >>