للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي عن ابن عبّاسٍ: لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الأَقْلَفِ (١).

فلم يعمل السلف بعمومه فيما عدا المستثنى، فكان الحكم على الغالب حينئذٍ. والله أعلم.

فالحق: أنه اختلاف عصرٍ كما صرّح به الإمام أبو بكر الرّازيّ (٢) - وهذا


= وقال البخاري في صحيحه (٥/ ١٦٧): (باب شهادة الأعمى وأمره ونكاحه وإنكاحه ومبايعته وقبوله في التأذين وغيره وما يعرف بالأصوات) وأجاز شهادته قاسمٌ، والحسن، وابن سيرين، والزّهريّ، وعطاءٌ. وقال الشعبيّ: تجوز شهادته إذا كان عاقلًا. وقال الحكم: ربِّ شيءٍ تجوز فيه.
(١) رواه ابن أبي شيبة (٢٣٣٣٣ و ٢٣٣٣٤). وانظر: العناية شرح الهداية (١٤/ ١٣٥). وكذلك علي بن أبي طالب لم يجز شهادته كما في سنن البيهقي (٢/ ٩٦). والأقلف: هو من لم يختن.
وورد قبول شهادته كما في: فتح القدير (١٧/ ١٦٢) والاختيار لتعليل المختار (١/ ٢٣) والجوهرة النيرة (٥/ ٤٦٧) والمحيط (٩/ ١٨٢ و ٥٧٩).
(٢) قال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (٢/ ٢٢١ - ٢٤٧): باب الشهود: قوله - عز وجل -: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢]، قال أبو بكر: لما كان ابتداء الخطاب للمؤمنين في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ} [البقرة: ٢٨٢]، ثم عطف عليه قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} دل ذلك على معنيين: أحدهما: أن يكون من صفة الشهود؛ لأن الخطاب توجه إليهم بصفة الإيمان، ولما قال في نسق الخطاب: {مِنْ رِجَالِكُمْ} كان كقوله: من رجال المؤمنين، فاقتضى ذاك كون الإيمان شرطًا في الشهادة على المسلمين، والمعنى الآخر الحرية، وذلك لما في فحوى الخطاب من الدلالة من وجهين: أحدهما: قوله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} [البقرة: ٢٨٢] إلى قوله تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ}، وذلك في الأحرار دون العبيد، والدليل عليه: أن العبد لا يملك عقود المداينات، وإذا أقرّ بشيء لم يجز إقراره إلا بإذن مولاه، والخطاب إنما توجه إلى من يملك ذلك على الإطلاق من غير إذن الغير،=

<<  <   >  >>