وجهٌ ثالثٌ: وهو التفريق بين من يعتقد حكمه من الخصمين. والأصحّ عند جماعةٍ: ينفذ في حق من يعتقد. وفي حقّ من لا يعتقد. واحتجّ بالحديث المتقدم.
وبه احتجّ ابن قدامة في المغني لمذهب أحمد. ثم قال بعد ذكره: وهذا يدخل فيه ما إذا ادّعى أنه اشترى منه شيئًا، فحكم له؛ ولأنه حكم بشهادة زورٍ فلا يحلّ له ما كان محرّمًا عليه، كالمال المطلق.
وللرافعي نحو هذا القياس أيضًا.
وتمسك بهذا الحديث أيضًا أهل الظّاهر كما ذكره الحافظ علي بن حزم بعد روايته له من طريق عبد الرزاق.
واستدلّ به الطحاوي لأبي يوسف، إذ كان عنده أن محمدًا مع أبي حنيفة.
واستدلّ به لهما من جعله مع أبي يوسف. واستدل لهما أيضًا: بأن شهادة الزور حجّة ظاهرًا لا باطنًا، فصار كما إذا كان الشهود كفّارًا أو عبيدًا، فإنه ينفذ ظاهرًا لا باطنًا، وبأنّ القضاء إظهار ما هو ثابتٌ، لا إثبات ما لم يكن ثابتًا. فلا ينفذ باطنًا.
واستدلّ لأبي حنيفة: بأنه لما كان إظهار ما ليس بثابتٍ حالاًّ. وقد كلّف الإظهار، فيجب إثباته اقتضاءً لئلا يكون تكليف ما ليس في الوسع، وأنّه ممكن.
فالقاضي نائبٌ عن الله، ولله ولاية الإثبات، فصار كأنّ الشارع قال: أثبت الحكم بينهما، ويجوز ذلك وإن لم يوجد الرضا؛ لأنّ للمولى ولاية إجبارِ