وأمّا البئر إذا تنجّست فغار ماؤها وجفت أسفلها، ثمّ عاودها الماء فقال نصير بن يحيى: هو طاهرٌ. وقال محمّد بن سلمة: هو نجسٌ. وكذا روي عن أبي يوسف، وجه قول نصيرِ: أن تحت الأرض ماء جارٍ فيختلط الغائر به، فلا يحكم يكون العائد نجسا بالشك. وجه قول محمد بن سلمة: أن ما نبع يحتمل أنّه ماءٌ جديدٌ، ويحتمل أنّه الماء النجس فلا يحكم بطهارته بالشكّ؛ وهذا القول أحوط، والأول أوسع، هذا إذا كان الماء الرّاكد له طولٌ وعرضٌ، فإن كان له طول بلا عرضٍ كالأنهار التي فيها مياهٌ راكدةٌ لم يذكر في ظاهر الرواية, وعن أبي نصرِ محمد بن محمد بن سلامِ: أنّه إن كان طول الماء ممّا لا يخلص بعضه إلى بعضٍ يجوز التوضؤ به، وكان يتوضأ في نهر بلخٍ ويحرّك الماء بيده ويقول: لا فرق بين إجرائي إياه، وبين جريانه بنفسه، فعلى قوله لو وقعت فيه نجاسة لا ينجس ما لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه. وعن أبي سليمان الجوزجاني أنّه قال: لا يجوز التوضؤ فيه، وعلى قوله لو وقعت فيه نجاسةٌ أو بال فيه إنسانٌ أو توضأ، إن كان في أحد الطرفين ينجس مقدار عشرة أذرعٍ، وإن كان في وسطه ينجس من كل جانبِ مقدار عشرة أذرعٍ فما ذهب إليه أبو نصرٍ أقرب إلى الحكم؛ لأنّ اعتبار العرض يوجب التنجيس واعتبار الطّول لا يوجب، فلا ينجس بالشكّ، وما قاله أبو سليمان أقرب إلى الاحتياط لأن اعتبار الطول إن كان لا يوجب التنجيس فاعتبار العرض يوجب، فيحكم بالنّجاسة احتياطًا، وأمّا العمق فهل يشترط مع الطول والعرض؟ عن أبي سليمان الجوزجانيّ أنّه قال: إن أصحابنا اعتبروا البسط دون العمق، وعن الفقيه أبي جعفرِ الهندوانيّ إن كان =