للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمكنني أن أخالف مرسوم السلطان. فقال له معك مرسوم بأن تُسخطني؟ فقال: لا. وقام خرج من عنده. فغلق السجان باب الحبس، وراح.

فلما كان ثاني يوم، جاء عبد الكريم ابن أخت الشيخ نصر وحلف أن الشيخ نصر ما عنده علم من هذا، وانصرف.

فلما كان بعد صلاة العصر وقفت أبكي. فقال لي الشيخ: لا تبك، ما بقيت هذه المحنة تبطئ، فقلت له: أفتح لك في المصحف؟ فقال: افتح. فطلع قوله تعالى: {(١٢٦) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ} [النحل: ١٢٧ - ١٢٨]، فقال: افتح في موضع آخر، فطلع قوله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل: ٥٠] إلى آخرها، فقال: افتح آخر، فطلع قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ... } [الفتح: ٢٩] إلى آخرها (١).


(١) قال الشيخ في «مجموع الفتاوى»: (٢٣/ ٦٦): «وأما استفتاح الفأل في المصحف: فلم يُنْقل عن السلف فيه شيءٌ وقد تنازع فيه المتأخرون. وذكر القاضي أبو يعلى فيه نزاعًا، ذكر عن ابن بطة أنه فَعَله، وذكر عن غيره أنه كرهه.
فإن هذا ليس الفأل الذي يحبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان يحب الفأل ويكره الطيرة. والفأل الذي يحبه هو أن يفعل أمرًا أو يعزم عليه متوكلًا على الله، فيسمع الكلمة الحسنة التي تسره: مثل أن يسمع: يا نجيح، يا مفلح، يا سعيد، يا منصور، ونحو ذلك»، كما لقي في سفرة الهجرة رجلًا فقال: «ما اسمك؟ » قال: يزيد. قال: «يا أبا بكر! يزيد أمرُنا» ... » اهـ.
وانظر: «الإبداع في مضار الابتداع» (ص ٧٤)، و «السنن والمبتدعات» (ص ١٢٣)، و «منسك ابن جماعة».

<<  <   >  >>