الكافية الشافية (١)
للعلامة شمس الدِّين محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم (٧٥١)
وإذا أردتَ تَرى مصارعَ من خلا ... من أمة التعطيل والكفران
وتراهمُ أسْرَى حقيرًا شأنُهم ... أيديهمُ غُلَّتْ إلى الأذقان
وتراهمُ تحتَ الرماحِ دَرِيْئَةً ... ما فيهمُ من فارسٍ طَعَّان
وتراهمُ تحتَ السيوفِ تَنُوشُهم ... مِنْ عن شمائِلهم وعن أيْمان
وتراهمُ انسلخوا من الوحيينِ والـ ... ـعقل الصحيحِ ومقتضَى القرآن
وتراهمُ واللهِ ضُحْكَةَ ساخرٍ ... ولطالمَا سَخِرُوا من الإيْمان
قد أوحشتْ منهم رُبُوعٌ زَادهَا الـ ... ـجَبَّارُ إيْحاشًا مَدَى الأزمان
وخَلَتْ ديارُهمُ وشُتِّتَ شَمْلُهم ... مَا فيهمُ رجلانِ مجتمعان
قد عَطَّلَ الرحمنُ أفئدةً لهم ... من كلِّ معرفةٍ ومن إيمان
إذْ عَطَّلوا الرحمنَ من أوصافِه ... والعرشَ أخْلَوه من الرحمن
بل عَطَّلوهُ عن الكلامِ وعن صِفا ... تِ كمالِه بالجهلِ والبهتان
فَاقْرَأْ تصانيفَ الإمَامِ حقيقةً ... شيخِ الوجودِ العالمِ الربّاني
أعني أبا العباسِ أحمدَ ذلك الْـ ... ـبَحْرَ المحيطَ بسائرِ الخُلْجَان
وَاقرأ كتابَ «العقلِ والنقل» الذي ... ما في الوجود له نظيرٌ ثان
وكذاك «منهاج» له في رَدِّه ... قولَ الروافضِ شيعةِ الشيطان
وكذاك أهل الاعتزالِ فإنه ... أرداهُمُ في حُفرةِ الجبان
وكذاك التأسيسُ أصبح «نقضُه» ... أُعْجُوبةً للعالم الرباني
(١) (ص ١٦٣ - ١٦٥) (ط. القاهرة ١٣٤٥ هـ)، وطبعة عالم الفوائد (ص ١٩٦ - ١٩٨).