للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُحْفَةُ النُّظَّار في غَرَائبِ الأمْصارِ وعَجائبِ الأسْفارِ

المعروف بـ «رِحْلَة ابن بَطُّوْطة» (١)

لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الطَّنْجِي

المعروف بابن بطوطة (٧٧٩)

وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة: تقي الدِّين ابن تيميَّة، كبير الشأن، يتكلم في الفنون، إلا أن في عقله شيئًا! وكان أهل دمشق يعظمونه أشد التعظيم، ويعِظُهم على المنبر، وتكلم مرةً بأمرٍ أنكره الفقهاء، ورفعوه إلى الملك الناصر؛ فأمر بإشخاصه إلى القاهرة وجمع القضاة والفقهاء بمجلس الملك الناصر، وتكلم شرف الدِّين الزواوي المالكي (٢)، وقال: إن هذا الرجل قال: كذا، وعدَّد ما أُنكِر على ابن تيمية، وأحضر العقود بذلك، ووضعها بين يدي قاضي القضاة، وقال قاضي القضاة لابن تيمية: ما تقول؟ قال: لا إله إلا الله، فأعاد عليه فأجاب بمثل قوله، فأمر الملك الناصر بسجنه فسجن أعوامًا، وصنف في السجن كتابًا في تفسير القرآن سماه «بالبحر المحيط» في نحو أربعين مجلدًا.

ثم إن أُمَّه تعرضت للملك الناصر وشكت إليه، فأمر بإطلاقه، إلى أن


(١) (١/ ٣١٦ - ٣١٧)، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، ١٤١٧، تحقيق عبد الهادي التازي، ذكر العلامة حمد الجاسر أن هذه الطبعة أفضل طبعات الكتاب، وله عليها بعض الملاحظات نشرها في جريدة الرياض.
(٢) جمال الدِّين وليس شرف الدِّين كما عند ابن بطوطة، والقصد إلى محمد بن سليمان بن يوسف البربري الزواوي المالكي. توفي في جمادى الآخرة سنة ٧١٧. «الدرر الكامنة» (٤/ ٦٨)، «الدارس في تاريخ المدارس» (ص ١٢ - ١٥).

<<  <   >  >>