للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتعليم، والجهاد والإصلاح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلم يُعرف في زمنه، بل ولا قبله بقرون ــ كما صرح به غير واحد ــ أكثر منه علمًا وعملًا وجهادًا، وشجاعةً وكرمًا، وسيرًا على قانون السلف، وقمعًا لأهل البدع، وكثرةَ تآليف.

حازَ الشَّريفَيْنِ مِن عِلْمٍ ومن عملٍ ... وقلَّما يتأتَّى العلمُ والعَمَلُ

نقول: فخليقٌ بمن هذه حاله؛ في كثرة محاسنه، وحسن مكارمه، وعظيم مفاخِره، واتصال محامده، وعلوِّ مبانيه = أن يُفْحَصَ عن خَبره، ويُبْحَث عن أثره، ويُنَقَّر عن أمره وحاله وسيرته، لتكون نبراسًا للاهتداء، وعلمًا للاقتداء.

«فإن المتأخِّر متى وقف على خبر من تقدَّمه من الفضلاء، أو سمع كيف تشميرهم وإقبالهم على العلم وطلبه؛ تاقت نفسُه إلى الاقتداء بهم، والانسلاك في سلكهم، والتحقيق لفضلهم وتجميلهم ... فقد يحث ... الجبانَ إلى المعركةِ فرسانُ الطِّعان، ويُهيِّج الحادي أشواقَ القوافل، وإن كان عن معنى ما يأتي به غافل» (١) اهـ.

فلما أردنا سلوك هذا السبيل، والولوج في هذا المَهْيَع، لاحت لنا طرائق شتَّى في جمع مادة الترجمة والإحاطة بمتفرِّقاتها، ولَمِّ شَعَثِها، إلا أن طريقة عصريَّة قد بدت لنا لتنهض بهذه المهمة، وهي: جمع تراجِمه المتفرقة في كتب التواريخ والسير والطبقات ونحوها، واستقصاء ذلك ما أمكن، ثم سياقتها على الترتيب الزمني لمؤلِّفيها، بداية من عصره، وانتهاءً بنهاية القرن الثالث عشر الهجري (١٣٠٠).


(١) قاله الجَنَدِيُّ السَّكْسَكي (٧٣٢) في «السلوك»: (١/ ٦٥ - ٦٦).

<<  <   >  >>