للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مقدمة الطبعة الأولى]

الحمد لله الذي خلق كلَّ شيءٍ فقدَّره تقديرًا، والصلاة والسلام على من أرسله الله للعالمين بشيرًا ونذيرًا، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بكرةً وأصيلًا.

أما بعد؛ فلا يخفى على من سَبَر سِيَر العلماء وتأمَّلها وفحصها، ثم أراد أن يستخرج من جَمَع منهم بين العلم حتى صار من المجتهدين المحققين، وبين العمل حتى صار قدوة للعامِلِين العابدين، فإنه لا يخرج إلا بِبَرَضٍ من عِدٍّ، وقُلٍّ من كُثْرٍ؛ ولا غَرْوَ؛ فإن أولئك الذين جمعوا أطراف الفضائل وخصال الكمال يندر وجودهم، فيكون منهم في الزمان البعيد واحد تِلْوَ آخر.

ولا يشك كلُّ مُطَّلع أن شيخَ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيميَّة النُّميري الحراني ثم الدمشقي أحد أولئك العلماء المتحقِّقين (١) المصلحين، والرواد المجدّدين، الذين أفنوا أعمارهم في العلم


(١) (تنبيه): أنفع طرق العلم الموصِلة إلى التحقُّق فيه: أخذه عن العلماء المتحققين به على الكمال والتمام، ويكون العالم مُتحققًا إذا تحلَّى بأمارات وعلامات، وهي ثلات:
١ - العملِ بما عَلِم، حتى يكون قوله مطابقًا لفعله، فإن كان مخالفًا له؛ فليس بأهلٍ لأن يؤخَذ عنه.
٢ - أن يكون ممن ربَّاه الشيوخ في ذلك العلم، فهو الجدير إذن أن يتَّصِف بما اتصفوا به، وهذه طريقة السلف.
٣ - الاقتداء بمن أخذ عنه، والتأدُّب بأدبه، كما اقتدى الصحابة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعون بالصحابة، وهكذا. انظر: «الموافقات»: (١/ ١٣٩ - ١٤٥)، (٥/ ٢٦٢) للإمام الشاطبي.

<<  <   >  >>