للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار (١)

[قال بعد كلامه على أبي الحسن الأشعري]:

لم يبقَ اليومَ مذهبٌ يخالفه إلا أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - رضي الله عنه - فإنهم كانوا على ما كان عليه السلف؛ لا يرون تأويل ما ورد من الصِّفات.

إلى أن كان بعد السبع مئة من سني الهجرة: اشْتَهر بدمشق وأعمالها تقيّ الدِّين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيميَّة الحرَّاني؛ فتصدَّى للانتصار لمذهب السَّلف، وبالغ في الرد على مذهب الأشاعرة، وصَدَع بالنكير عليهم، وعلى الرافضة وعلى الصوفية؛ فافترق الناسُ فيه فريقان:

فريق يقتدي به، ويعوِّل على أقواله، ويعمل برأْيه، ويرى أنه شيخ الإسلام، وأجلّ حفَّاظ أهل الملّة الإسلامية.

وفريق يبدِّعه ويضلّله، ويُزري عليه بإثباته الصِّفات، وينتقد عليه مسائل منها ما له فيه سلف، ومنها ما زعموا أنه خَرَق فيه الإجماع، ولم يكن له فيه سلف.

وكانت له ولهم خطوب كثيرة، وحسابُه وحسابُهم على الله الذي لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السَّماء، وله إلى وقتنا هذا عدة أتباع بالشام، وقليل بمصر.


(١) (٢/ ٣٥٨ - ٣٥٩) دار الطباعة المصرية، تصحيح الشيخ قطة العدوي (١٢٧٠).

<<  <   >  >>