للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قارا، ثم رجعوا إلى حمص، وذكروا أن طائفةً منهم وصلت بعلبك ثم رجعت، وذلك على طريق الغارة والعبث والفساد، وأصبح الناس يوم الأحد المذكور في أمر عظيم لقرب العدو، وتأخر السلطان وجمهور الجيش، فشرعوا وتحركوا في الجَفْل، وذكروا أن هذا الجيش الذي قد اجتمع بالمرج ودمشق ليس لهم طاقة بلقائه، هذا وإنما سبيلهم أن يتأخروا عنهم مرحلتين، واحتيط البلد، فلما تعالى النهارُ اجتمع الأمراء بالميدان، وتحالفوا على لقائهم، وشجعوا أنفسهم، ونوديَ في البلد: أن لا يجفل أحد، ولا يسافر أحد، فسكنَ الناسُ، وجلس القضاة بالجامع وحلَّفوا جماعةً من الفقهاء والعامة على حضور الغزاة، وتوجه الشيخ تقي الدِّين ابن تيمية إلى جهة العسكر الواصل من حماة، فأدركه بالقُطَيفة (١) والمَرْج، فاجتمع بهم وأعلمهم بما اتفق عليه رأي الأمراء بدمشق، فوافقوا على ذلك.

وفي يوم الأربعاء الثامن والعشرين من شهر شعبان اختبط الناس كثيرًا، وجَفَل جميع القرى والحواضر، واعتكر الناسُ بأبواب دمشق، ودخل كثير من الناس إلى القلعة، وامتلأت المنازل والطرق، وحصل التنازع في ذلك، وتشوَّشت القلوب بسبب أنَّ جماعةً من الجيش توجهوا إلى الكُسْوة (٢) وناحيتها، فتكلّم الناسُ في أن هؤلاء يريدون اللحاق بالسلطان وبقية الجيش، وهذا يقتضي ترك الكسوة، يقولون: ليس ثَمَّ شيء بالكلية ويتعجّبون لما فعل الله


(١) قرية دون ثنية العقاب للقاصد إلى دمشق من ناحية حمص. «معجم البلدان»: (٤/ ٣٧٨).
(٢) الكسوة: مدينة جنوب دمشق، كان يصنع بها كسوة الكعبة، انظر: www.keswa.net. و «معجم البلدان»: (٤/ ٤٦١).

<<  <   >  >>