للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدين القاضي (١) وشمس الدِّين بن أبي بكر (٢)، فإنهما أحذق الجماعة على الإطلاق في المناهج العقلية وغيرها، وأذْكَر للمباحث الأصولية، فيما يشتبه من المقاصد، خوفًا من التصحيف وتغيير بعض المعاني، وروجع غيرهم من أكابر الجماعة أيضًا، كان في ذلك خير كثير، واستدراكٌ كبير، إن شاء الله تعالى.

والشيخ أبو عبد الله يسلمه الله، هو بلا تردد واسطة نظام هذا الأمر التام، فساعِدوه وأزيلوا ضرورتَه، واجمعوا همته، واغتنموا بقية حياته، واقبلوا نصيحتي فيما أتحقّقه من هذا كله، كما كنت أتحقق أن اغتنام أوقات الشيخ وجَمْعها على التأليف والإتقان والمقابلة خيرٌ مِن صَرْفها في مجرَّد المفاكهة اللذيذة والمنادمة، والنفوسُ فرَّطت كثيرًا في ذلك الحال. والله المسؤول بأن يكفيها مضرة كمال الفَوْتِ الذي لا عوض عنه بحال، إنه رؤوف رحيم، جوادٌ كريمٌ.

فإن يسَّر الله تعالى وأعانَ على هذه الأمور العظيمة صارت إنْ شاء اللهُ تعالى مؤلفات شيخنا ذخيرةً صالحةً للإسلام وأهلِهِ، وخزانةً عظيمة لمن يؤلف منها وينقل، وينصر الطريقة السلفية (٣) على قواعدها ويستخرج ويختصر إلى آخر الدهر إن شاء الله تعالى؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال الله يغرس في هذا الدِّين غرسًا يستعملهم فيه بطاعة الله»، وقال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقومَ الساعة». والله سبحانه يقول في كتابه: {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٨]. وكما انتفع الشيخ بكلام الأئمة قبله


(١). القاضي شرف الدِّين أحمد بن الحسن ابن قاضي الجبل (ت ٧٧١).
(٢). شمس الدِّين بن أبي بكر هو ابن القيم (ت ٧٥١ هـ).
(٣). في الأصل: «السليقة» ويحتمل أن تقرأ «السليمة».

<<  <   >  >>