نفسه ووصفه به رسوله من غير تحريف ولا تكييف فقد اتبع سبيل المؤمنين. ولفظ الظاهر في عرف المتأخرين قد صار فيه اشتراك؛ فإن أراد بإجرائه على الظاهر الذي هو في خصائص المخلوقين حتى يشبّه الله بخلقه فهذا ضلال، بل يجب القطع بأن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل قد قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء، يعني أن موعود الله في الجنة من الذهب والحرير والخمر واللبن يخالف حقًّا بقية حقائق هذه الأمور الموجودة في الدنيا، فالله تعالى أبعد عن مشابهة مخلوقاته بما لا تدركه العباد؛ إذ ليست حقيقته كحقيقة شيء منها، وأما إن أراد بإجرائه على الظاهر الذي هو الظاهر في عُرف سلف الأمة بحيث لا يحرف الكَلِم عن مواضعه ولا يُلحد في أسماء الله تعالى، ولا يفسر القرآن والحديث بما يخالف تفسير سلف الأمة وأهل السنة بل يجري ذلك على ما اقتضته النصوص وتطابق عليه دلائل الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة، فهذا مصيب في ذلك وهو الحق، وهذه جملة لا يسع هذا الموضع تفصيلها، والله أعلم (١).
فلما وقف القاضي شمس الدِّين ابن عدلان على هذه الفتيا أنكر منها مواضع، وعرضها على القاضي زين الدِّين المالكي، فقال قاضي القضاة: أحتاج أن يثبت عندي أن هذا خط تقي الدِّين المذكور، فإذا ثبت ذلك رتبت عليه مقتضاه، وانفصل المجلس في تلك الليلة على هذا.
ثم شهد جماعة عند قاضي القضاة أن الجواب المذكور بخط