للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المالكي والحنبلي جرى بينهما كلام كثير. فلما سمع الأمراء ذلك رجع عن المكاتبة بسببهم وأمر بتجهيزهم إلى الأبواب العالية وتوجهوا. فلما كان يوم الجمعة سابع شهر شوال وصل البريد، وأخبر أن كان وصول القاضي نجم الدِّين والشيخ تقي الدِّين إلى الديار المصرية يوم الخميس ثاني وعشرين رمضان المعظم من هذه السنة المذكورة. (٩/ ١٣٣ - ١٣٦).

ذكر ما جرى للشيخ تقي الدِّين بمصر المحروسة

وذلك أنه لما وصل في ذلك التأريخ المذكور، عقد له مجلس في دار النيابة بحضور الأمير سيف الدِّين سلَّار، وأحضروا العلماء والأئمة القضاة الأربعة، وحضر الأمير ركن الدِّين بيبرس. فتكلم القاضي شرف الدِّين بن عدلان الشافعي، وادعى على الشيخ تقي الدِّين دعوى شرعية في أمر عقيدته. فعند ذلك قام الشيخ تقي الدِّين وحمد الله تعالى وأثنى عليه وتلجلج (١). ثم أراد أن يذكر الله ويذكر عقيدته في فصل طويل. فقالوا له: يا شيخ، الذي بتقوله معلوم، ولا حاجة إلى الإطالة، وأنت قد ادعى عليك هذا القاضي بدعوى شرعية، أجيب عنها! فأعاد القول في التحميد وحاد عن الجواب، فلم يمكن في تتمة تحاميده. فقال: عند من هي هذه الدعوى؟ فقالوا: عند القاضي زين الدِّين المالكي، فقال: عدوي وعدو مذهبي، فكرروا عليه القول مرارًا، ولم يزدهم على ذلك شيئًا وطال الأمر. فعند ذلك حكم القاضي المالكي باعتقاله على رد الجواب. فقتال الشيخ: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف: ٣٣] فأقاموه من المجلس واعتقل، وسجن أيضًا


(١) هذه من مفاريد المؤلِّف! وإلا فجميع التراجم لا تذكر إلا ثباتَه وقوَّته.

<<  <   >  >>