وهذه السياقات تفيد أن طريق الإصلاح شاق وطويل، ومحفوف بالمخاطر، والأذايا، والمكاره، ولكن ليس معنى هذا أن يشحن امرؤ نفسه بالمُشَاقَّة، وليس له رصيد من علم، ولا حصانة من إخلاص ولا لسان صدق في الأمة، ثم يقول: لي قدوة بشيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله تعالى ــ! ! فإن هذا من التعرض للبلاء بما لا يطاق، وله من المردودات السالبة على مسيرة الدعوة ما لا يخفى، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
٨ - من حياة هذا الإمام التجديدية، ودعوته الإصلاحية، تعرف معنى التجديد، وأنه قفو الأثر، وإحياء السنن، والتوجه مع الدليل، وإصلاح ما رثَّ من حال الأمة بالعودة بها إلى الكتاب والسنة، ولهذا صارت دعوته، ومؤلفاته منارًا لأهل الإسلام، ومن هنا تعرف زيوف الدعوات التجديدية المعاصرة من بعض من شابهم لوثة في الفكر والاعتقاد. الدعوة إلى التجديد في الفقه، والتجديد في الأصول، والتجديد في موازين قبول السنة، وهكذا من دعوات تهدم الدين، وتضر بالمسلمين. والله المستعان.
وبعد هذا العرض الذي لم أجد بُدًّا من سياقه؛ لشدة تأثري بسيرة هذا الإمام من خلال قراءة هذا:«الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله تعالى ــ» أقول: هذه وجهة مباركة في التأليف، ونمط لطيف من التصنيف، باستخراج سيرة العالم المشهور في خدمة العلم والدين من كتب السير العامة؛ مطبوعها، ومخطوطها، وجمعها، وترتيبها الترتيب الزمني بين دفتين في كتاب واحد؛ لتكون أمام الراغب في صعيد واحد، فتوفر جهدًا ووقتًا، وتفيد علمًا، ويستمتع المسلمون بأخبار أئمتهم، وعبير سيرهم، ويستطيع المتأمل من العلماء إضافة كل معلومة إلى مثلها، والموازنة بينها، ويستكمل