للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسائل واستصعبت عليه، فرَّ منها إلى التوبة والاستغفار والاستغاثة بالله واللَّجأ إليه، واستنزال الصواب من عنده، والاستفتاح من خزائن رحمته، فقلَّما يلبث المدد الإلهي أن يتتابع عليها مدًّا، وتزدلف الفتوحات الإلهية إليه بأيتهنَّ يبدأ» (١).

وقال: «حقيقٌ بالمفتي أن يكثر الدَّعاء بالحديث الصحيح: «اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنتَ تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اخْتُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» (٢).

وكان شيخنا كثير الدعاء بذلك، وكان إذا أشكلت عليه المسائل يقول: «يا معلم إبراهيم علمني»، ويكثر الاستغاثة بذلك، اقتداءً بمعاذ بن جبل - رضي الله عنه - حيث قال لمالك بن يَخامِر السَّكْسكي عند موته ــ وقد رآه يبكي ــ فقال: والله ما أبكي على دنيا كنتُ أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم والإيمان اللذين كنتُ أتعلمهما منك. فقال معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما، اطلب العلم عند أربعة: عند عُويمر أبي الدرداء، وعند عبد الله ابن مسعود، وأبي موسى الأشعري ــ وذكر الرابع ــ فإن عَجَز عنه هؤلاء فسائر أهل الأرض أعجز، فعليك بمعلم إبراهيم صلوات الله عليه» (٣).


(١) «أعلام الموقعين»: (٥/ ٣٤).
(٢) أخرجه مسلم (٧٧٠) من حديث عائشة - رضي الله عنه -.
(٣) «أعلام الموقعين»: (٥/ ١٧٥). وذكر نحو هذا ابن رشيق في «أسماء مؤلفات ابن تيمية» (ص ٣٥١) من هذا الكتاب.
أقول: نسب شيخ الإسلام هذا الأثر لمالك بن يخامر كما في «مجموع الفتاوى»: (٤/ ٥٣١). ولم أقف عليه من روايته عن معاذ بن جبل، ورواه عن معاذ جماعة، أشهرهم يزيد بن عَميرة الهَمْداني عن معاذ، أخرجه الترمذي (٣٨٠٤)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٩٦)، وأحمد (٢٢١٠٤)، وابن حبان (٧١٦٥)، والحاكم: (١/ ٩٨)، والبيهقي في «المدخل» (١٠٢)، وابن سعد (٢/ ٣٠٤) وغيرهم بألفاظ مختلفة. قال الترمذي: حسن غريب. كما في «تحفة الأشراف»: (٨/ ٤١٨)، ونسخة الكروخي (ق ٢٥٨)، وفي المطبوع: حسن صحيح غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.

<<  <   >  >>