للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذهبت وجاءت بهم، فرفعتُه، فطافت، فلم تجده، فانصرفوا. قال: فعلت ذلك مرارًا، فلما كان في المرة الأخيرة استدار النمل حلقة، ووضعوها في وسطها وقطعوها عضوًا عضوًا.

قال شيخنا ــ وقد حكيتُ له هذه الحكاية ــ: هذه النمل فطرها الله سبحانه على قبح الكذب وعقوبة الكذَّاب» (١).

قال ابن القيم: «ولا ريب أن للمحبة سلطانًا قاهرًا للقلب أعظم من سلطان من يقهر البدن، فأين من يقهر قلبك وروحك إلى من يقهر بدنك؟ ولذلك تعجبت الملوك والجبابرة مِن قَهْرهم للخلق، وقهر المحبوب لهم وذلهم له، فإذا فاجأ المحبوب مُحبه، ورآه بغتة= أحسَّ القلبُ بهجوم سلطانه عليه، فاعتراه روعة وخوف.

وسألنا يومًا شيخ الإسلام ابن تيمية ــ قدس الله روحه ــ عن هذه المسألة، فذكرتُ أنا هذا الجواب، فتبسَّم ولم يقل شيئًا» (٢).

قال ابن القيم:

«يا قوم والله العظيم نصيحة ... من مشفق وأخٍ لكم معوان

جرّبتُ هذا كلّه ووقعت في ... تلك الشباك وكنت ذا طيران

حتى أتاح لي الإلهُ بفضله ... من ليس تجزيه يدي ولساني

حَبْر أتى من أرض حرَّانٍ فيا ... أهلًا بمن قد جاء من حرَّان

فالله يجزيه الذي هو أهله ... من جنة المأوى مع الرضوان


(١) «شفاء العليل»: (١/ ٢٤٠ ــ مكتبة العبيكان).
(٢) «مدارج السالكين»: (٢/ ٢٦٢ - ٢٦٣).

<<  <   >  >>