للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض المفتين من أهل زمانه: يكون عندهم في المسألة ثلاثة أقوال، أحدها: الجواز، والثاني: المنع، والثالث: التفصيل، فالجواز لهم، والمنع لغيرهم، وعليه العمل» (١).

قال ابن القيم: «وسمعت شيخنا ــ رحمه الله تعالى ــ يقول: حضرتُ عقدَ مجلس عند نائب السلطان في وقفٍ أفتى فيه قاضي البلد بجوابين مختلفين، فقرأ جوابه الموافق للحق، فأخرج بعضُ الحاضرين جوابه الأول، وقال: هذا جوابك بضدِّ هذا، فكيف تكتب جوابين متناقضين في واقعة واحدة؟ ! فوَجَم الحاكم، فقلت: هذا من علمه ودينه، أفتى أولًا بشيء، ثم تبين له الصواب فرجع إليه، كما يفتي إمامه بقول، ثم يتبين له خلافه فيرجع إليه، ولا يقدح ذلك في علمه ولا دينه، وكذلك سائر الأئمة، فسُرَّ القاضي بذلك وسُرِّي عنه» (٢).

قال ابن القيم: «وسمعت شيخنا العلامة ابن تيمية ـ قدس الله روحه ــ يقول: كنا عند نائب السلطنة وأنا إلى جانبه، فادَّعى بعض الحاضرين أن له قِبَلي وديعة، وسأل إجلاسي معه وإحلافي، فقلت لقاضي المالكية ــ وكان حاضرًا ــ: أتَسُوغ هذه الدعوى وتُسمع؟ فقال: لا. فقلت: فما مذهبك في مثل ذلك؟ قال: تعزير المُدَّعي. قلت: فاحكم بمذهبك. فأُقيم المدَّعي، وأُخْرج» (٣).


(١) «أعلام الموقعين»: (٥/ ٩٥).
(٢) «أعلام الموقعين»: (٥/ ١٣٣).
(٣) «الطرق الحكمية»: (١/ ٣٠٣ - دار عالم الفوائد).

<<  <   >  >>