للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولرسوله، ولم يستمرّ لهم ذلك حتى كشف الله أمره، وبيَّن خلفاءُ الرسل بطلانه وكذبه» (١).

وذكر ابن القيم هذه الحادثة بسياق آخر من كلام شيخ الإسلام نفسه، قال:

«فلما أجلاهم عمر - رضي الله عنه - إلى الشام ظنوا أنهم يستمرون على أن يعفوا منها فزوروا كتابًا يتضمَّن أن رسول الله أسقطها عنهم بالكُلية. وقد صنف الخطيب والقاضي وغيرهما في إبطال ذلك الكتاب تصانيف، ذكروا فيها وجوهًا تدلّ على أن ذلك الذي بأيديهم موضوع باطل.

قال شيخنا: ولما كان عام إحدى وسبع مئة (٢) أحضرَ جماعةٌ من يهود دمشق عهودًا ادعوا أنها قديمة، وكلها بخط علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وقد غَشَّوها بما يقتضي تعظيمها (٣)، وكانت قد نفقت على ولاة الأمور من مدة طويلة، فأُسقطت عنهم الجزية بسببها وبأيديهم تواقيع ولاة، فلما وقفتُ عليها تبيَّن في نفسها ما يدلُّ على كذبها من وجوه كثيرة جدًّا:

منها: اختلاف الخطوط اختلافًا متفاقمًا في تأليف الحروف الذي يُعْلَم معه أن ذلك لا يصدر عن كاتب واحد، وكلها نافية أنه خط علي بن أبي


(١) «زاد المعاد»: (٣/ ١٧٩)، وانظر «المنار المنيف» (ص ٩٢ - ٩٤ - دار عالم الفوائد).
(٢) انظر «البداية والنهاية- ضمن كتابنا هذا»: (ص ٤١٣ - ٤١٤) وفيه وقوف ابن كثير على الكتاب بنفسه.
(٣) ذكر ابن القيم في «المنار» (ص ٩٤) أن هذا الكتاب «أحضر بين يدي شيخ الإسلام وحوله اليهود يَزُفونه ويُجِلّونه، وقد غُشِّي بالحرير والديباج».

<<  <   >  >>