للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكى لي أنَّه قال يومًا للشيخ صدر الدِّين ابن الوكيل: يا صدر الدِّين أنا أنقُل في مذهب الشَّافعيّ أكثر منك، أو كما قال.

وقال الشَّيخ شمس الدِّين: ما رأيت أحدًا أسرع انتزاعًا للآيات الدالة على المسألة الَّتي يوردها منه، ولا أشد استحضارًا لمتون الأحاديث وعَزْوها إلى الصحيح أو المسند أو السنن كأنَّ ذلك نصب عينه وعلى طرف لسانه بعبارة رشقة حلوة وإفحام للمخالف، وكان آية من آيات الله تعالى في التفسير والتوسع فيه لعلّه يبقى في تفسير الآية المجلس والمجلسين.

قلت: حكى لي من سمعه يقول: إني وقفت على مائة وعشرين تفسيرًا، أستَحْضرُ من الجميع الصحيحَ الَّذي فيها، أو كما قال.

قال الشَّيخ شمس الدين: وأما أُصول الدِّين ومعرفة أقوال الخوارج والروافض والمعتزلة والمبتدعة فكان لا يُشَقّ فيها غباره، هذا مع ما كَانَ عليه من الكرم الَّذي لم أُشاهد مثله قط والشجاعة المفرطة والفراغ عن ملاذّ النفس: من اللباس الجميل والمأكل الطيب والراحة الدنيوية.

قلت: حُكي لي عنه أن والدته طبخت يومًا قرعية ولم تذقها أولًا وكانت مُرّة فلمّا ذاقتها تركتها على حالها فطلع إليها وقال: هل عندك ما آكل؟ قالت: لا إلّا أنني طبختُ قرعًا كَانَ مرًّا، فقال: أين هو؟ فأرته المكان الَّذي فيه تلك القرعية فأحضرها وقعد أكَلَها إلى أن شبع وما أنكر شيئًا منها، أو كما قيل.

وحُكي لي عنه أنَّه كَانَ قد شكا إليه إنسان أو جماعة من قُطلوبك الكبير وكان المذكور فيه جبروت على أخذ أموال الناس واغتصابها ــ وحكاياته في ذلك مشهورة ــ فقام يمشي إليه فلمّا دخل إليه وتكلم معه في ذلك قال له قطلوبك: أنا الَّذي أريد أجيء إليك لأنك رجل عالم زاهد، ، يعرّض بقولهم:

<<  <   >  >>