للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشَّيخ رحمه الله تعالى هذا من قول بعض الشعراء في النار الَّتي يزعم النصارى أنها تنزل يوم سبت النور من السماء إلى القمامة (١) بالقدس:

لقد زَعَمَ القسّيسُ أنَّ إلهَهُ ... ينزّلُ نورًا بُكْرَةَ اليومِ أو غَدِ

فإن كان نورًا فهو نورٌ ورحْمَةٌ ... وإن كان نارًا أحرقتْ كلَّ معتدِ

يقرّبها القسّيسُ من شَعْرِ ذَقْنِهِ ... فإن لم تحرّقها وإلّا اقطعوا يَدي

وسمعته يقول عن نجم الدِّين الكاتبي المعروف بدَبيران ــ بفتح الدال المهملة وكسر الباء الموحدة ــ وهو الكاتبي صاحب التواليف البديعة في المنطق فإذا ذكره لا يقول إلَّا دُبَيران ــ بضم الدال وفتح الباء ــ. وسمعته يقول ابن المنجس، يريد ابن المطهّر الحليّ. وكانت سُمعته في البلاد البعيدة أكثر وأكبر وأشهر ممّا هي بالشام خصوصًا بلده دمشق. وكتب رسالة إلى صاحب قبرس يأمره فيها بالرفق بالأسارى المسلمين وتخفيف الوطأة عنهم، وقصَّ عليه أقوالًا من كلام المسيح عليه السلام مثل قوله: مَنْ ضربك على خدك الأيمن فدر له الخدَّ الأيسر، وأشباه ذلك، فقيل إنَّه خفّف عنهم وعمَرَ لهم جامعًا على ما قيل.

وطُلِبَ إلى مصر أيام ركن الدِّين بيبرس الجاشنكير وعُقد له مجلس في مقالة قال بها فطال الأمر وحكموا بحبسه فحبس بالإسكندرية؛ ثمَّ إنَّ الملك الناصر لما جاء من الكرك أخرَجه فيما أظن. ولم يزل العوامُّ بمصر يعظمونه إلى أن أخذ في القول على السيدة نفيسة فأعرضوا عنه. ورأيته مرّات بمدرسة القصاعين وبالحنبليّة جُوَّا باب الفراديس، وكان إذا تكلّم أغمض عينيه


(١) أعظم كنيسةٍ للنصارى، ببيت المقدس، انظر «معجم البلدان»: (٤/ ٣٩٦).

<<  <   >  >>