هذا؛ وسلطان التَّتار قد قصد دمشق بعد الوقعة. فاجتمع أعيانُ البلد والشيخ تقي الدِّين ابن تَيْمِيَّة في مشهد عليّ، واتفقوا على المسير إلى قازان لتلقّيه وأخذ الأمان منه لأهل دمشق.
فتوجّهوا يوم الاثنين ثالث ربيع الآخر، فاجتمعوا به عند النَّبْك (١). وكلّمه الشَّيخ تقي الدِّين ابن تيمية كلامًا قويًّا شديدًا فيه مصلحة عظيمة عاد نفعُها على المسلمين ولله الحمد.
ودخل المسلمون ليلتئذٍ من جهة قازان فنزلوا بالباذَرائية، وغُلِّقَت أبوابُ البلد سوى باب تُوما. وخطب الخطيب بالجامع يوم الجمعة، ولم يذكر سلطانًا في خطبته، وبعد الصلاة ... حضر الفَرْمان بالأمان وطيف به في البلد. وقُرئ يوم السبت ثامن الشهر بمقصورة الخطابة، ونُثر شيء من الذهب والفضّة. (١٤/ ٨). (١٧/ ٧١٩ - ٧٢٠).
وفي يوم الاثنين عاشر الشهر قدم الأمير سيف الدِّين قَبْجَق المنصوري فنزل في الميدان. واقترب جيش التَّتَر، وكثُر العيْث في ظاهر البلد، وقُتل جماعة، وغلت الأسعار بالبلد جدًّا، وضاق الحال عليهم وأرسل قبجق إلى نائب القلعة ليُسَلِّمها إلى التتر. فامتنع أرْجُواش من ذلك أشدّ الامتناع. فجمع له قبجق أعيان البلد فكلَّموه أيضًا، فلم يُجبهم إلى ذلك، وصمّم على ترك تسليمها إليهم وفيها عين تطرف. فإنَّ الشَّيخ تقي الدِّين ابن تَيْمِيَّة أرسل إلى نائب القلعة يقول له ذلك فاشتدَّ عزمه على ذلك وقال له: لو لم يبق فيها
(١). قرية بين حمص ودمشق، «معجم البلدان»: (٤/ ٧٣٩).