للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحثه حيث قاوم ابن تَيْمِيَّة في البحث، وتكلم معه، ثمَّ انفصل الحال على قبول العقيدة، وعاد الشَّيخ إلى منزله معظَّمًا مكرَّمًا.

وبلغني أنَّ العامة حملوا له الشمع من باب النصر إلى القصّاعين على جاري عادتهم في أمثال هذه الأشياء، وكان الحاملَ على هذه الاجتماعات كتابٌ ورد من السلطان في ذلك، كَانَ الباعث على إرساله قاضي المالكية ابن مخلوف، والشَّيخ نصر المنبجي شيخ الجاشنكير وغيرهما من أعدائه وذلك أنَّ الشَّيخ تقي الدِّين ابن تَيْمِيَّة كَانَ يتكلم في المنبجي وينسبه إلى اعتقاد ابن عربي، وكان للشيخ تقي الدِّين من الفقهاء جماعة يحسدونه لتقدمه عند الدولة، وانفراده بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطاعة الناس له ومحبتهم له وكثرة أتباعه وقيامه في الحق، وعلمه وعمله.

ثمَّ وقع بدمشق خبط كثير وتشويش بسبب غيبة نائب السلطنة في الصيد، وطلب القاضي جماعةً من أصحاب الشَّيخ وعزّر بعضهم.

ثمَّ اتفق أنَّ الشَّيخ جمال الدِّين المزي الحافظ قرأ فصلًا في الرد على الجهمية من كتاب «أفعال العباد» للبخاري تحت قبة النسر بعد قراءة ميعاد البخاريّ بسبب الاستسقاء، فغضب بعض الفقهاء الحاضرين وشكاه إلى القاضي الشَّافعيّ ابن صصري، وكان عدو الشَّيخ فسجنَ المزيَّ، فبلغ ذلك الشَّيخ تقي الدِّين فتألم لذلك وذهب إلى السجن فأخرجه منه بنفسه، وراح إلى القصر فوجد القاضي هناك، فتقاولا بسبب الشَّيخ جمال الدِّين المزي، فحلف ابن صصري ولا بد أن يعيده إلى السجن وإلا عزَلَ نفسه. فأمر النائب بإعادته تطييبًا لقلب القاضي، فحبسه عنده في القوصية أيامًا ثمَّ أطلقه. ولما قدم نائب السلطنة ذكر له الشَّيخ تقي الدِّين ما جرى في حقه وحق أصحابه في

<<  <   >  >>