للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاضي كمال الدِّين ابن الزَّمْلكاني: اجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها.

ثمَّ جرت له محن في مسألة الطلاق الثلاث، وشد الرحال إلى قبور الأنبياء والصالحين، وحبب للناس القيام عليه، وحُبِسَ مرَّات بالقاهرة والإسكندرية ودمشق، وعقد له مجالس بالقاهرة ودمشق، مع أنَّه حصل له في [بعضها] تعظيم من الملك الناصر محمد بن قلاوون، وأطلق وتوجه إلى دمشق فأقام بها إلى أن ورد مرسوم شريف من السلطان في شعبان سنة ست وعشرين وسبعمائة بأن يجعل في قلعة دمشق في قاعة حسنة، فأقام فيها مدة مشغولًا بالتصنيف، ثمَّ بعد مدة منع من الكتابة والمطالعة، وأخرجوا ما عنده من الكتب، ولم يتركوا عنده دواة ولا قلمًا ولا ورقة.

ومما وقع له قبل حبسه أنَّه بحث مع بعض الفقهاء، فكتب عليه محضر بأنه قال: أنا أشعري، ثمَّ أُخِذ خطه بما نصه: أنا أعتقد أنَّ القرآن معنى قائم بذات الله وهو صفة من صفات ذاته القديمة، وهو غير مخلوق، وليس بحرف ولا صوت، وأن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] ليس على ظاهره، ولا أعلم كنه المراد به، بل لا يعلمه إلَّا الله، والقول في النزول كالقول في الاستواء، وكتبه أحمد بن تَيْمِيَّة، ثمَّ أشهدوا عليه جماعة أنَّه تاب مما ينافي ذلك مختارًا، وشهد عليه بذلك جمع من العلماء وغيرهم (١). انتهى.

قلت: وعلم الشَّيخ تقي الدِّين وفضله معروف لا يحتاج إلى التطويل في ذكره. وقد أثنى عليه جماعة من أكابر العلماء، من ذلك ما كتبه القاضي كمال الدِّين بن الزَّمْلَكاني على كتاب «رفع الملام عن الأئمة الأعلام» تأليف


(١) سبق التعليق على هذا في المقدمة.

<<  <   >  >>