للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: الجمُّ الغفير من الجماهير سلّموا له من غير نكير، ولا سيما كالحافظين السيوطي وشيخه (١) الإمامين، فلو قوبلا بالألوف لكان النقد لهما، إذ هما أدرى بالزيف.

ويشهد لما قلناه: أن الإمام الثاني (٢) نصّ في بعض تأليفاته على هذه المعاني، فقال: لا يُعوّل في كلِّ فنٍّ إلا على أربابه، فإنه بذلك يُعْرَف خطأ القول من صوابه. فالمفسّر من حيث أنه مفسِّر لا يُعوّل عليه إلا في فنِّ التفسير، وكذلك المحدّث والفقيه وبقية الفنون من غير نكير.

وأئمة النقد بحمد الله معروفون وبتمييز الخبيث من الطيب موصوفون، فهم الذين يُعوّل عليهم ويُرجع في أمثال ذلك إليهم. وهذا الذي نحن فيه من هذا القبيل فلا يُرْجَم فيه بالظنون، وقد قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣].

وعلى الحقيقة ما خلا متكلِّم فيه من العصبية والحمية الجاهلية، وإلا فما لأمثال هذه القوادح تجرّ هذه القضية، وأيّ ضلالة ارتكبها حتى يقول فيه الشهاب ابن حجر (٣): إنه ضالّ مُضِل، وساق العُجَر والبُجَر (٤)، وقد قضى


(١) في الهامش: هو الحافظ ابن حجر. أقول: وكون ابن حجر شيخًا للسيوطي لا يصح لأن الحافظ توفي سنة ٨٥٢ ومولد السيوطي سنة ٨٤٩ فلم يدرك من حياته إلا ثلاث سنوات فقط. إلا أن يكون شيخًا له بالإجازة العامة لأهل العصر.
(٢) في الهامش: «أي في الوجود لا في الذكر وهو الجلال».
(٣) في الحاشية: أي الهيتمي ومثله الرملي. أقول: كلام الهيتمي في «الفتاوى الحديثية» وغيرها.
(٤) في الحاشية تعليق نصه: «لو أنه تعلق في ذلك بنحو مسألة حوادث لا أول لها لأصاب المرمى. ولكنه تعلق بمسألة الزيارة والطلاق ونحوهما مما لم ينتج له ذلك، فلذلك لم أسلم له وإن كنت سلمت له بعد ذلك وتبين لي ما هنالك».

<<  <   >  >>