للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تيميَّة عند المالكي، فقال: هذا عدُوِّي ولم يجب عن الدعوى، فكرَّر عليه فأصرّ. فحكم المالكي بحبسه، فأقيم من المجلس وحبس في برج. ثمَّ بلغ المالكي أن النَّاس يترددون إليه. فقال: يجب التضييق عليه إن لم يُقتل، وإلا فقد ثبت كفره. فنقلوه ليلة عيد الفطر إلى الجبِّ.

ولقد أحسن المترجَمُ له - رحمه الله - بالتصيميم على عدم الإجابة عند ذلك القاضي الجريء الجاهل الغبي، ولو وقعت منه الإجابة لم يبعد الحكم بإراقة دم هذا الإمام الَّذي سمح الزمان به، وهو بمثله بخيل. ولا سيَّما هذا القاضي من المالكية الَّذي يقال له: ابن مخلوف، فإنه من شياطينهم المتجرئين على سَفْك دماء المسلمين بمجرد أكاذيب وكلمات ليس المراد بها ما يحملونها عليه، وناهيك بقوله: إن هذا الإمام قد استحق القتل وثبت لديه كفره، ولا يساوي شعرة من شعراته، بل لا يصلح لأن يكون شسعًا لنعله. وما زال هذا القاضي الشيطان يتطلَّب الفرص الَّتي يتوصل بها إلى إراقة دم هذا الإمام فحجبه الله عنه، وحال بينه وبينه والحمد لله ربِّ العالمين.

ثمَّ بعد هذا نودي بدمشق: أن من اعتقد عقيدة ابن تيميَّة حلّ دمه وماله، خصوصًا الحنابلة فنودي بذلك، وقُريء المرسوم، قرأه ابن الشهاب محمود في الجامع، ثمَّ جمعوا الحنابلة من الصّالحية وغيرها وأشْهَدوا على أنفسهم أنهم على معتقد الإمام الشَّافعيّ، وكان من أعظم القائمين على المترجم له الشَّيخ نصر المنبجي لأنَّه كَانَ بلغ ابن تيميَّة أنَّه يتعصب لابن العربي، فكتب إليه كتابًا يُعاتبه على ذلك فما أعْجبه. لكونه بالغ في الحط على ابن العربي وكفره. فصار هو يحط على ابن تيميَّة ويُغري بيبرس الَّذي يفرط في محبة

<<  <   >  >>